لفت الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في إطلالة مباشرة من مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية الى ان “يوم القدس العالمي أعلنه الامام الخميني واكد عليه مرشد الثورة الايرانية الامام علي الخامنئي، ليكون مذكرا لنا بالقضية المركزية لتبقى القدس وفلسطين حاضرة في القلب والعقل والفكر والثقافة والوجدان والاولويات والخطاب والعميل والميدان”، موضحا انه “عندما أكد الامام الخميني على اخر يوم جمعة من رمضان ليؤكد قداسة هذه القضية واسلامية هذه القضية”، معتبرا ان ” يوم بعد يوم يتبين اهمية هذا الاعلان والحاجة الماسة الى احياء هذا اليوم من قبل الامة، عندما نتطلع اليوم الى حالة الامة نشعر بأهمية هذا اليوم وهذا الاحياء”.
واعرب السيد حسن نصرالله عن “ترحيبه بالحاضرين بالاحتفال وشكره لهم على حضورهم بالرغم من ما يفترض من بعض المخاطر الأمنية”، مشيرا الى “اننا في شهر رمضان المبارك وكثيرون قاموا بالغاء الافطارات الجماعية والشعبية حرصا على الناس وتخففا من الاعباء، لكن تطورات غزة وخصوصية يوم القدس العالمي فرض علينا أوجب علينا أن نلتقي في مجمع سيد الشهداء بالضاحية الجنوبية اليوم، وفي هذا المكان الذي اعتدنا أن نشيع شهدائنا وان نستقبل به اسرانا وان نقيم اعراس النصر لمقاومتنا وان نعبر فيه عن مواقفنا”.
واضاف السيد نصرالله انه “بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين وسيطرته على كامل فلسطين، فضلا عن توسعه في أراض فلسطينة أخرى، كان هم الصهاينة منذ ذلك الحين وهدفها الاساسي هو تصفية القضية الفلسطينية واعتبار شعب فلسطين انه غير موجود وارض فلسطين لم تعد موجودة والقدس أصبحت عاصمة ابدية للدولة اليهودية، والهدف بعد الاحتلال كان انهاء القضية الفلسطينية، ولم يكن واردا في عقولهم أن يعيدوا شبرا واحدا من ارض فلسطين الى اصحابه ولا لاجئا واحدا الى داره، لذلك نجد الاجماع الاسرائيلي حول القدس وحول منع عودة أي لاجئا”.
ولفت الى ان “الصهاينة كانوا يعلمون ان قضية بهذا الحجم، ان أرض مقدسة وشعب لا يمكن حذفة في سنة أو سنتين ولا جيل او جيلين لذلك وضعت خطة طويلة الامد لتحقيق هذا الهدف، يمكن لاي منا أن يحلل ما جرى من العام 1948 حتى اليوم ليكتشف معالم برنامج تصفية القضية الفلسطينية وهذا الحلم الموجود عند الغرب والاميركيين والصهاينة”، موضحا انه “على سبيل المثال، كانوا يفترضون أن الارض العربية واسعة ومن الممكن توطين اللاجئين وتذويبهم في المجتمعات العربية المتعددة، وهذا الخطر كان قائما ولا يزال قائما ويلاحق اللاجئيين، ومثال اخر، العمل على اختراع قضايا مركزية لكل شعب وكل دولة لتغيب مركزية فلسطين ومركزية القدس وهذا وفقوا فيه لدرجة كبيرة جدا”، مضيفا “عدوانا ليس فاشلا دوما بل يفشل حين نريد افشاله، واليوم وغزة تزبح هناك في بلدان عربية أولويات أخرى من البنزين والغاز ولقمة العيش، وهم ارادوا أن تصبح هذه القضايا هي قضايا مركزية”.
واشار السيد نصرالله الى ان “هناك غرف سوداء تعمل لكي لا يبقى أي صلة بين أي لبنان وأي مصري وأي سوري وبين فلسطين، واختيار انتحاريين فلسطينيين في تفجيرات لبنان كان أمرا متعمدا، وهناك الكثير من الأمثلة التي من الممكن الحديث عنها”.
واكد السيد نصرالله انه “بالرغم من كل ما حصل وكل المؤمرات والتحديات بقيت هذه القضية تفرض نفسها على المنطقة والعالم وما يجري في غزة الان شاهد على هذا الاستنتاج لاسباب عديدة أهمها الشعب الفلسطيني، ومنها على سبيل المثال صمود بعض الدول العربية وأبرزها سوريا وعدم خضوعها لشروط التسوية ومنها انتصار الثورة الاسلامية في ايران وتبنيها القضية الفلسطينة ومنها حركات المقاومة في لبنان وانتصارها في لبنان واسقاطها لمشاريع اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية لكن الأهم الشعب الفلسطيني لانه بالرغم من كل شيء كان عصي على اليأس والاخضاع والاستسلام وكان لا ينسى المفتاح الذي ينتقل من الجد الى الاب الى الابناء وهذا جزء من خطة مقابلة ولو بالفطرة”، لافتا الى ان “الشعب الفلسطيني بالرغم من ظروف العيش القاسية وبالرغم من اغراءات الهجرة بهدف تشتيت هذا الجمع الشعبي بقي متمسك بأرضه وقضيته وحقله ويرفض الاستلام والخضوع وما زال الشعب الفلسطيني يفعل ذلك”.
ولفت السيد نصرالله الى انه “كان خيار الصمود والمقاومة منذ البداية، حركات وفصائل المقاومة الفلسطينة على اختلاف توجهاتها والشعب الفلسطيني حمل هذه القضية وناضل من أجلها”، موضحا انه “عندما نتحدث عن خطة عملت عليها اسرائيل والولايات المتحدة وساعدهما عليه العديد من الانظمة العربية التي كانت عرشوها مرهونة، ولا يزال هذا البرنامج فعال وشغال”، معتبرا ان “ما نحن فيه اليوم هو أخطر مرحلة على الاطلاق منذ اغتصاب فلسطين والسبب هو هذا التدمير المنهجي الذي يحصل في المنطقة والذي كان بداياته ثورات شعبية صادقة ولها مطالب لكن هناك من ركب هذه الموجة واخذها بالاتجاه الذي يريده”.
واضاف السيد نصرالله ان “ما نشهده هو تدمير للشعوب والجيوش والدول وتفككيها نفسيا واجتماعيا وعاطفيا وايجاد قضايا لا يمكن معالجتها في مئات السنين، وما يجري في أكثر من بلد عربي والمخاطر التي تتهدد أكثر من بلد عربي، سوريا كانت الجدار المتين وستبقى انشالله الجدار المتين في وجه المشروع الصهيوني، وكانت الحضن الكبير للمقاومة والقضية الفلسطينية، العراق الذي دخل النفق المظلم للأسف باسم الاسلام وباسم الخلافة تهجر فيها الالف العائلات المسيحية، والسنة الذين يختلفون مع تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” المعروف بـ”داعش” ليس لديهم خيار اما البيعة أو الذبح والشيعة ليس لديهم أي خيار الا ذبح والاقاليات أيضا” لافتا الى “اننا كمسلمين من واجبنا اليوم ان نعلن ادانتنا لما يتعرض له المسيحيين والمسلمين في العراق”.
واعرب السيد نصرالله عن “خشيته ان يكون المشهد من تدمير الكنائس ومراقد الانبياء والجوامع أن يجهز النفوس من أجل تدمير المسجد الاقصى”، لافتا الى ان “هناك خشية من أن يصبح ذلك أمرا عادياً بالنسبة لتدمير الكنائس والمساجد”. ورأى السيد نصرالله ان “أمتنا في أسوء حال، والمستهدف الاول هي فلسطين، وعلينا جميعا أن نعرف أين نضع أقدامنا في هذا الزمن، زمن الفتنة، وعلينا أن نعرف ماذا نفعل، وهذا هو التحدي الكبير الذي تواجهه أمكتنا”.
ولفت السيد نصرالله الى ان “في هذا السياق، تأتي الحرب الاسرائيلية على غزة، وفي هذا السياق كانت الحرب على لبنان 2006 وعلى غزة في العام 2008، لكن في 2006 و2008 كانت النتائج مختلفة واليوم أيضا نحن في لبنان نستطيع أن نفهم وندرك بشكل كامل كل ما يحصل في غزة وما يتعرض له أهلنا في غزة لانه نفس الذي جرى علينا في تموز 2006، من حجة خطف المستوطين الثلاثة وحجة خطف الجنديين، هذه حجة للحرب وليست سببا، اسرائيل اعتبرت أن قطاع غزة محاصر وهناك فرصة لاخضاع وتدميرها، مثل العام 2006 الذي كان يجلب معه مشروع وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كونداليز رايس”. ودان “تواطؤ بعض المجتمع الدولي وأميركا والغرب ومجلس الامن وبعض الانظمة العربية، لكن في المقابل كان هذا الصمود الشعبي الرائع وتمسك أهل غزة بالمقاومة وهذا الاداء والصمود السياسي المميز لحركات المقاومة، لكن في نهاية المطاف أقول للجميع أن الذي يحسم الموقف سيحسم ثلاثية الميدان والصمود الشعبي والصمود السياسي”.
واردف: “في هذه الحرب القائمة، المستهدف هو سلاح المقاومة والمقاومة وارادة المقاومة وليس فقط حماس والجهاد الاسلامي بل كل المقاومة في فلسطين، وكل نفق في غزة وكل صاروخ في غزة بل كل دم مقاوم يجري في عروق أبناء أهل غزة، الافق هو أن يصل الاسرائيلي الى مكان يجد فيه أنه لا يستطيع أن يكمل وعندها يستطيع الاستعانة بالأميركي، اليوم أقول أن غزة انتصرت بمنطق المقاومة”. وقال: “نجد أمامنا الفشل الاسرائيلي وانجاز المقاومة، وحتى اليوم هناك ارباك في تحديد الهدف من الجانب الاسرائيلي، وهم خائفون منذ البداية من الفشل، ولذلك لم يحددوا أهداف عالية وتعلموا من تجربة تموز 2006´´.