شهدت مصر، يوم امس، موجة جديدة من التفجيرات، هي الأولى من نوعها في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أصيب ثمانية أشخاص في انفجار عبوات ناسفة بدائية الصنع عند أربع محطات لمترو الأنفاق في القاهرة، وأخرى قرب مبنى محكمة في ضاحية مصر الجديدة، فيما سارعت السلطات الأمنية إلى توجيه أصابع الاتهام في هذه التفجيرات إلى «الإخوان المسلمين»، واصفة ما جرى بأنه «محاولة يائسة» من قبل الجماعة «الإرهابية» لإثبات وجودها في الشارع.
وتزامنت تفجيرات القاهرة مع زيارة قام بها السيسي إلى الجزائر حيث التقى نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وهي الزيارة الأولى الرسمية التي يقوم بها المشير إلى الخارج، فيما يُعَدّ لقاؤه ببوتفليقة الثاني من نوعه على هذا المستوى، بعد اللقاء الذي عقده يوم الجمعة الماضي مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز داخل الطائرة الملكية في مطار القاهرة الدولي، كما أنه الأول من نوعه بين البلدين منذ أزمة العام 2010، التي تفجّرت على خلفية أعمال العنف التي رافقت مباراة الفريقين الجزائري والمصري في مدينة أم درمان في السودان خلال تصفيات الصعود لنهائيات كأس العالم في كرة القدم.
وذكرت مصادر أمنية أن انفجاراً محدوداً أصاب ثلاثة اشخاص في محطة مترو عزبة النخل في شمال القاهرة، فيما وقعت الانفجارات الأخرى في محطات المترو في غمرة وشبرا الخيمة وحدائق القبة. وأضافت المصادر أن ثلاثة أشخاص أصيبوا في انفجار محطة شبرا الخيمة، فيما أصيب رابع في محطة غمرة، مشيرة إلى ان الإصابات كافة طفيفة.
كذلك أصيبت محامية إصابة طفيفة في انفجار عبوة بدائية الصنع كانت مثبتة في سيارة امام محكمة مصر الجديدة في شمال شرق القاهرة.
وذكرت مصادر أمنية أن قنبلتين وضعتا بجوار محكمة مصر الجديدة ومحطة مترو حلمية الزيتون لم تنفجرا.
ووصف المتحدث الإعلامي باسم الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف التفجيرات بأنها «محاولة يائسة من قبل عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي لإثبات وجودهم في الشارع».
وأشار إلى أن رجلاً كان يحمل القنبلة المنفجرة في محطة مترو شبرا الخيمة أصيب بجروح بسيطة وتمّ وضعه تحت الحراسة بعدما عثر في بقايا الحقيبة على آثار للبارود وكذلك شعار تنظيم الإخوان الإرهابي على هاتفه المحمول».
ويعتبر استهداف محطات النقل العام تطوراً نوعياً في خطط التنظيمات الإسلامية حيث كان سابقاً وخلال العام الماضي موجّهاً ضد قوات الأمن والجيش ومقارهم.
ويفسر الخبير في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور كمال حبيب هذه السلسلة الجديدة من التفجيرات بأنها «الحل الوحيد أمام التنظيمات الاسلامية» لإرباك العهد الجديد في مصر. وقال حبيب لـ«السفير» إن هذه التفجيرات «لن تتوقف خاصة مع عدم وجود أي بوادر لحل الأزمة السياسية التي بدأت منذ عام تقريباً». وأشار إلى أن شكل التفجيرات بالأمس يظهر أن «تكتيكاتهم قد تطوّرت بعد تولي السيسي رئاسة الجمهورية، بحيث أصبحت تستهدف مصر كلها وليس القوات المسلحة فقط».
من جهته، قال المفكر الإسلامي ومهندس المراجعات الفكرية للتنظيمات الجهادية في العام 1990 ناجح ابراهيم لـ«السفير» إن ثمة حلاً وحيداً أمام السيسي لتجنب مزيد من العمليات الإرهابية، وهو «تشجيع المراجعات الفكرية وليس الاستمرار في القمع والمواجهة الأمنية التي ستفشل من مشروعه للنهوض بمصر».
من جهة ثانية، قام السيسي بزيارة رسمية للجزائر، استغرقت قرابة ساعتين، حيث التقى نظيره عبد العزيز بوتفليقة.
وكان في استقبال الرئيس السيسي لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين، رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح ورئيس الوزراء عبدالمالك سلال، وعدد من أعضاء الحكومة الجزائرية.
عقب وصوله، قال السيسي، إن «زيارتي للجزائر تهدف إلى إطلاق تفاهم حقيقي ورؤية موحّدة للمصالح والقضايا المشتركة بين مصر والجزائر». وأضاف أن «وجودي في دولة الجزائر يأتي للتأكيد على العلاقات المشتركة بين البلدين»، مشدداً على «ضرورة العمل سوياً للقضاء على العديد من المشاكل التي تواجه المنطقة العربية بأكملها وعلى رأسها الإرهاب»، ومشيراً إلى أن «الإرهاب مشكلة تحتاج إلى تنسيق المواقف والعمل لمجابهتها سوياً».
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير إيهاب بدوي إن هذه الزيارة «تمثل نقلة نوعية على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين، وتدشن لعلاقات استراتيجية مستقرة بين مصر والجزائر».
وأشار بدوي إلى أن المحادثات بين السيسي وبوتفليقة تطرقت إلى «مختلف جوانب العلاقات الثنائية، حيث تضمّنت بحث عدد من الملفات الاستراتيجية، فضلاً عن استعراض العلاقات السياسية والاقتصادية بهدف تعزيزها وتنميتها، وذلك في ضوء العلاقات التاريخية المتميزة التي تجمع بين البلدين والشعبين المصري والجزائري».
ونقل بدوي عن السيسي قوله، خلال اللقاء مع بوتفليقة، أن مصر «تتطلّع للإسهام من خلال شركاتها المختلفة والقطاع الخاص المصري في الخطة التنموية الخمسية الطموحة للجزائر»، وأن «ثمة رغبة مصرية حقيقية في أن تعود الاستثمارات المصرية في الجزائر إلى سابق عهدها كأكبر استثمار خارجي لمصر على مستوى العالم».
بدوره، أعرب بوتفليقة عن «حرصه على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والارتقاء بها من خلال علاقات استراتيجية إلى آفاق أرحب، وبما يحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين».
وأشار بدوي إلى أن «لقاء القمة تطرّق إلى عدد من القضايا الإقليمية، حيث تمّ استعراض تطورات القضية الفلسطينية، فضلاً عن الأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق. كما تمّ أيضاً استعراض عدد من القضايا الأفريقية ذات الاهتمام المشترك، حيث اتفق الجانبان على تعزيز التنسيق والتشاور ارتباطاً بالشأن الأفريقي، وبما يحقق المصالح المشتركة».
وكان السيسي أعلن خلال حملته الانتخابية أن السعودية ستكون الدولة الأولى التي يزورها بعد فوزه بالرئاسة. لكن مصادر مطلعة أشارت إلى ان زيارة الملك السعودي يوم الجمعة الماضي، ولقائه السيسي على متن الطائرة الملكية في مطار القاهرة الدولي، مهّدت الطريق أمام زيارة الجزائر، حيث رفعت عنه الحرج بالنظر إلى ما سبق أن صرّح به خلال الحملة الانتخابية.
وقال وزير خارجية الجزائر رمضان العمامرة إن زيارة السيسي «تأتي في الوقت المناسب وتحمل أكثر من دلالة وترمز لهذه العلاقة الوطيدة». وأضاف العمامرة «إننا ننسق مع الأخوة المصريين في ما يتعلق بليبيا والأوضاع على الساحة العربية ككل، وكذلك في ما يخصّ سوريا والعراق، ولنا تحاليل متطابقة ولدينا القدرة على العمل المشترك مع أشقائنا الآخرين».
من جهته، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أحمد عبد الحليم إن «ثمة إعادة إحياء للتوازنات، وتشكيل للتحالفات العربية في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فقد كان من الضروري أن يقوم الرئيس السيسي بزيارة إلى الجزائر؛ للاتفاق على ما يفيد المنطقة العربية بالكامل، وليس البلدين فقط».
ومع بدء الزيارة الرسمية، ذكرت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصدر في شركة «سوناطراك» الجزائرية المملوكة للدولة أن الجزائر وافقت على توريد خمس شحنات غاز طبيعي مسال لمصر حجم كل منها 145 ألف متر مكعب قبل نهاية العام الحالي. وأضاف المصدر أنه لم يتم الاتفاق حتى الآن على السعر لكن الاتفاق شبه مكتمل.
وبعد لقائه بوتفليقة، غادر السيسي الجزائر متوجّهاً إلى مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية للمشاركة، في الدورة العادية الثالثة والعشرين لقمة الاتحاد الأفريقي، التي تبدأ أعمالها اليوم.
البنك الدولي يوافق على قرض لمصر بـ400 مليون دولار
قالت وزارة التعاون الدولي المصرية إن البنك الدولي أعطى موافقة على إقراض مصر مبلغ 400 مليون دولار، تخصص لعدة مجالات...