أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري انه وراء إصرار وزير المال علي حسن خليل على موقفه من رفض تسديد رواتب الموظفين ما لم يُجز مجلس النواب تسديدها بقانون، موضحا ان “المشكلة ليست ابنة ساعتها، ولا عمرها يعود الى الايام الاخيرة على نحو ما يشيعه البعض كأزمة طارئة استجدت وفاجأت الجميع. بل تعود الى الجلسة الاولى لمجلس الوزراء في آذار الماضي، عندما طلب وزير المال الكلام للمرة الاولى وشكر رئيس الحكومة على ثقته بتوزيره، وأبلغ اليه ما يتوقع أن يلقى معارضة من زملائه الوزراء، وهو أنه لن يجيز إنفاق أي سلفة خزينة لا تقترن بسند قانوني. قال أيضاً إنه يعرف أن إجراءً كهذا سيثير غضب الوزراء، إلا أن عليه مبكراً إطلاعهم على الامر”.
وأضاف “بالفعل أغضب هذا الموقف الوزراء جميعاً الذين راحوا يشتكون إلي من الوزير خليل، بمن فيهم زميله في حركة أمل وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر من أنه لا يستطيع الحصول على سلفة خزينة من وزير المال لحاجات ملحة لوزارته، ليس لها سند في احتياطي الموازنة. تسبب الامر بخلاف أيضاً مع رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون”، لافتا إلى ان “حركة أمل اليوم هي في موقع المسؤولية المباشرة عن الخزينة ومالية الدولة، ولن أسمح بأي إجراء من شأنه تكريس مخالفة قانونية. الموقف قاطع”.
ورأى بري في حديث لـ”الأخبار” ان “الخلاف على تسديد رواتب موظفي القطاع العام لم يعد مرتبطاً بالمسألة المالية فحسب، بل بدا أنه يقترن بتصفية حساب سياسي قديم بين فريقي 8 و14 آذار، ومن خلالهما بين رئيس البرلمان ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بعدما أجازت حكومة الاخير منذ عام 2005 تسديد الرواتب بقرار حكومي، خلافاً للأصول القانونية المتبعة التي توجب التئام مجلس النواب وإقرار قانون بذلك”، مشددا على انه سيعيد الآلية القانونية لتسديد الرواتب الى نصابها الصحيح.
ولاحظ أيضاً أن “نواب تيار المستقبل يبررون الدفاع عمّا درج عليه السنيورة بأنه عرف قابل للاستمرار وممكن، كأن يراد تكريسه قاعدة موازية، بل بديلة من القاعدة الأم التي ينص عليها القانون. تالياً، لا تسديد للرواتب، في حساب هذا الفريق، بإجازة من الهيئة العامة لمجلس النواب. حيال هذا الموقف، يتشبّث السنيورة وتيار المستقبل بعدم إدراج هذا البند في جدول أعمال أي جلسة نيابية محتملة”.
وأشار بري إلى “مشكلة كبيرة لا تزال بلا حل، هي مبلغ 11 مليار دولار أميركي أنفقتها حكومة السنيورة بين عامي 2006 و2008، بعد استقالة الوزراء الشيعة والوزير يعقوب الصراف، لا مستندات قانونية فيها على الاطلاق، وبينها هبات ومساعدات الى الحكومة اللبنانية أهدرت”، معتبرا ان “الموضوع ينطوي على بعد سياسي في حجم إهدار مالي ضخم كهذا بلا قيود رسمية، إلا أنه أضحى اليوم أمام وزير المال برسم معالجته، وضرورة إنهاء هذه المشكلة”.
وأشار إلى توخيه وضع حدّ لملف “لم تعد آثاره السلبية تقتصر على الشق المالي الغامض الذي يحتاج حقاً الى حل، بل بات المطلوب كذلك إنهاء تداعيات مرحلة سياسية خبرها اللبنانيون جميعاً، وشهدت أحد أكبر انقسامات وطنية مرّ فيها لبنان، عبّرت عنها آنذاك حكومة غير ميثاقية بكل ما فعلت”، لافتا إلى ان “الفريق الآخر لا يريد إخراج نفسه من المرحلة تلك، ويتشبث بنتائجها وأخطائها، ولا يتردد في تبريرها. عوض أن يغادرها، يسعى الى تعميم نتائجها المخالفة للقانون. وها هو الخلاف على طريقة إخراج تسديد رواتب موظفي القطاع العام يحاول، عبر تعطيل جلسة مجلس النواب، تعميم مخالفة 2005 على تداعياتها عام 2014”.
النشرة