يتجاوز الخلاف حول ملفي النفط والغاز في لبنان ،الانقسام التقليدي بين فريقي 8 و14 آذار ،وصولا الى داخل كل فريق،حيث تلعب المحاصصة والكيدية دورها. ومع تأليف حكومة الرئيس سلام، عاد هذا الملف إلى الواجهة مع زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة آموس هوكستاين الأخيرة إلى لبنان، لإنعاش المسعى الذي قامت به إدارته عندما أوفدت السفير فريديريك هوف بمهمة الوساطة لحسم الخلاف الواقع بين لبنان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، حول «بلوكات» النفط الواقعة جنوباً.
مصادر مواكبة للمفاوضات اكدت ان التصوّر الذي عاد به هوكستاين هو نفسه الذي وضعه قبله هوف مع بعض التعديلات المتعلقة بتحسين موقع لبنان في التفاوض مع الجانب الإسرائيلي لجهة حسم الخلاف القائم على موضوع الـ «بلوكات»، بعدما رفض لبنان الدخول في عملية التفاوض مع إسرائيل حين عُرض الموضوع في اللجنة العسكرية الثلاثية في الناقورة، وبعد رفض بيروت عرض تل ابيب الدخول بمفاوضات مباشرة حول الخلاف الحدودي – النفطي، خوفا من تحول المباحثات الى مفاوضات للسلام عبر ملف النفط.
وبحسب المطلعين يعاني لبنان اليوم من مشكلة اساسية تتمثل في رفض الشركات العالمية الكبرى المباشرة بالتنقيب في ظل الخلاف والنزاع القائم مع اسرائيل، خاصة ان اكثر من 90% من الشركات الـ46 التي تأهلت هي شركات غربية، فيما الشركة الروسية المملوكة من قبل وزير الطاقة الروسي السابق والتي التزمت التنقيب قبالة السواحل السورية مضطرة الى الدخول في كونسرتيوم مع شركة اميركية كبرى في هذا المجال فيما خص التنقيب في لبنان، الامر الذي يعطل التنقيب ايضا في البلوكات غير المتنازع عليها في ظل اصرار فريق لبناني على شمول التلزيمات البلوكات الحدودية.
وتكشف المعلومات ان الدبلوماسي الاميركي حمل معه مقترحا بإنشاء خط أزرق بحري موقت في المناطق المتنازع عليها إلى حين حسم الخلاف، معتبرا هذه الصيغة تؤمن التوازن في إطار تحسين الشروط لمصلحة لبنان، طالبا ردا على هذا الإقتراح، لينقله إلى إسرائيل فيكون الإتفاق عندها، برعاية أميركية،ملمحا الى ان«استعجال التنقيب يفترض البت في الخلاف الحدودي»، مضيفة إن الخريطة الموضوعة تستند إلى بحث كارتوغرافي نفذه خبراء أميركيون وهي لا تدعي أنها تمثل الحدود الجغرافية بين البلدين، وإنما فقط تقديم صيغة تسوية لتقسيم منصف للمياه الاقتصادية ولموارد الغاز الموجودة فيها.
مصادر في الوفد الاميركي لاحظت أن لهجة المسؤولين في البلدين قد أصبحت أكثر ليناً حيال هذا الملف الآن مقارنةً مع ما كانت عليه عندما بدأ مهمته قبل نحو سنة،مشيرة الى ان الولايات المتحدة نصحت كُلاً من لبنان وإسرائيل بعدم الإقدام على مغامرة استثمار النفط والغاز في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين البلدين، قبل توصل الطرفين إلى تفاهم واضح على الخط البحري الفاصل.
واشارت المصادر الى أن الولايات المتحدة نقلت إلى كل من إسرائيل ولبنان خريطة تتضمن صيغة تسوية تمت بلورتها في إطار جهود الوساطة التي تبذلها الإدارة الأميركية ، في مسعاها لتفكيك بؤرة التوتر، وتقسيم الموارد في المناطق البحرية المختلف عليها بين الجانبين. حيث ان واشنطن ، والكلام للمصادر معنية بالتوصل إلى توافق بين لبنان وإسرائيل وقبرص بشأن حدود المياه الاقتصادية لكل دولة، وذلك من أجل إيجاد أجواء تسمح للشركات الأجنبية باستثمار أموالها في البحث عن الغاز في هذه المنطقة من دون مخاوف أمنية، مؤكدة ان الاقتراح الاخير سيتيح للجانبين اللبناني والاسرائيلي بتخطي الخلاف في هذا الموضوع ، وتالياً زيادة مساحة المناطق في شرقي البحر المتوسط التي يمكن لكل واحد منهما التنقيب عن الغاز فيها،كاشفة ان الجانب اللبناني طلب بعض الإيضاحات حول بعض النقاط.
فبحسب الأميركيين، فإن الجانبين لن يكونا محتاجين إلى تحويل الاقتراح إلى اتفاق سياسي بينهما، وإنما يمكنهما نقل موافقتهما إلى الولايات المتحدة التي ستكون راعية لهذه التفاهمات. أما على الصعيد الإجرائي، فقد اقترح الأميركيون أن يعلن كل طرف على نحو أحادي تعديل حدوده المائية وفقاً للخريطة الأميركية إذا ما وافق كلاهما على الصيغة المرفوعة.
اوساط سياسية متابعة كشفت ان الدبلوماسي الاميركي طرح على المسؤولين 3 أفكار أساسية: أولاً، تأسيس نوع من الشراكة بين لبنان وإسرائيل لاستثمار هذه الثروة وفق ترتيب ما (باعتبار أن البلدين لا يزالان في حالة عداء). ثانياً، فكرة تقوم على التنقيب معاً في المنطقة المتنازع عليها. وثالثاً، عدم إقدام أي من البلدين على التنقيب في المنطقة المتنازع عليها، مشيرة الى ان هذه المقترحات انطلقت من الحوار العميق الذي جرى بعيدا عن الاضواء وعلى فترات طويلة بين وزير الطاقة السابق والاميركيين ، الذين اشادوا في اكثر من مناسبة بالوزير باسيل والدور الذي لعبه،علما ان همسا يجري في الكواليس حول صفقة جرت من تحت الطاولة عرابها السفير الاميركي في بيروت تجلت نتيجتها في الشركات الـ46 التي فازت، وتتابع المصادر ان الاميركيين دخلوا بشكل جدي خلال مفاوضات تشكيل الحكومة السلامية،مركزين على حقيبة الطاقة وممارسين الضغوط التي وصلت الى حد اختيار وزير محسوب عليهم .
عليه فقد شكل مجلس الوزراء لجنة وزارية لدرس الإقتراح الأميركي وتحديد موقف لبنان منه، فيما أصدر وزير الطاقة والمياه قراراً حمل الرقم 1 تاريخ 8 نيسان 2014 أعلن بموجبه، عن تأجيل المزايدة من قبل الشركات المؤهلة في دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية، من 10 نيسان الجاري إلى 14 آب المقبل، بانتظار تظهير الموقف الرسمي، بعدما لمس الجانب اللبناني أن أحداً من الشركات لا يقبل ببدء التنقيب قبل حسم النقاط العالقة.
بالانتظار فأن مسألة الثروة النفطية في لبنان ليست وليدة الأمس. هي بدأت عام 2010 مع قانون خاص بالنفط. أمّا تعثّرها اليوم فهو بفعل تجاذبات سيّاسيّة ليس الا، في ظل غياب النظرة الاستراتيجية والتعاطي بموضوعية عالية ومهنية مع هذا الملف، أساسها مطامع جديدة لا يستحي أصحابُها من الإفصاح عنها. محاصصات بدأت في تعيينات هيئة قطاع النفط وآلية تسيير الأعمال، ولا احد يعلم أين تنتهي. ومن يعلم، قد يصل الحال يوماً الى التمني لو لم تكتشف هذه الثروة.
الديار
أسعار النفط تصعد إلى أعلى مستوى منذ 5 سبتمبر 2022
ارتفعت أسعار النفط الجمعة، بنحو 2% وتتجه الأسعار لتسجيل أكبر مكاسب أسبوعية في نحو 4 أشهر وذلك بعد قرار "أوبك+"...