ابعد من البرنامج النووي، والمنظومة الباليستية.. «حزب الله»!
ديبلوماسي اميركي في احدى دول الخليج يعترف بأن المشكلة الرئيسية بين واشنطن وطهران هي الحزب.كسر قواعد اللعبة في المنطقة، ولطالما مضت في ظل تلك المعادلات الهلامية التي اذ حاول جمال عبد الناصر تحطيمها كان لا بد من تحطيمه في حزيران 1967 بعدما استنزف حتى العظم ومن قبل «حلفائنا العرب» في اليمن حيث كانت الخطيئة الكبرى، اذ كيف لجيش اعتاد على «الحروب المسطحة» منذ ايام الفراعنة ان يقاتل بين الجبال والاودية وبينهما… القبائل.
ويقول الديبلوماسي ان اللوبي اليهودي والذي لا مجال للاستهانة بفاعليته، والى اي مدى يلعب استراتيجياً داخل الرؤوس الاميركية، يضغط في كل الاتجاهات من اجل تفكيك الحالة التي نشأت بسحر ساحر في لبنان وارست ذلك الوضع الملتبس من توازن الرعب.
اللوبي الذي على تواصل سيكولوجي وعضوي بل وعلى تواصل وجودي مع اسرائيل، وضع ترسانة «حزب الله» داخل حقيبة المفاوض الاميركي، وسواء ذهب الى فيينا ام الى موسكو ام الى اسطنبول ام الى طهران.
بعبارة اخرى ان «حزب الله» يضاهي القنبلة النووية التي لا مناص من تفكيكها باي ثمن.
والمثير ان الديبلوماسي الاميركي يثني على الدور الذي اضطلع به «حزب الله» في ريف حمص كما في منطقة جبال القلمون، اي في المناطق المتاخمة للبنان والتي هي شديدة الحساسية على المستوى الجيوستراتيجي، اذ لولا هذا الدور لاستولت الجماعات المتشددة على مساحات حيوية من الدولة اللبنانية التي لا يمكن لاحد اغفال مدى هشاشتها بالنظر للتصدع السياسي والمذهبي البعيد المدى.
لكنه يرى ان تضخم الحزب عسكرياً على ذلك النحو جعل المشكلة البنيوية المستدامة في لبنان اما ان تزداد حدة، بل وهولاً، او ان تذهب في اتجاه يحول دون اعادة ترتيب الاوضاع وفق القواعد او بالاحرى وفق الصيغ السابقة. ثمة قوة اقليمية داخل دولة قامت على مبدأ فلسفي (الشيخ بيار الجميل) يقول ان قوتها في ضعفها. ماذا عندما ينقلب هذا الموقف رأساً على عقب ومن قبل طرف لبناني واحد؟
في نظره ان هذا الوضع يبدو محيّراً للجميع. المعارضون له يتعاملون معه بطريقة فولكلورية، او من خلال الاثارة السياسية والمذهبية، دون اي اعتبار للسياق التاريخي او الاستراتيجي الذي انتجه، وحيث التداخل المثير للذهول بين الفراغ العربي الذي ملأه الايرانيون ببراعة منقطعة النظير، واحياناً بفظاظة منقطعة النظير، وبين الغلطة التي ارتكبتها القيادة الاسرائيلية، من خلال الثنائي بيغن- شارون، وبالتواطؤ مع وزير الخارجية الاميركي الكسندر هيغ، بمحاولة تكريس البقاء في لبنان وتحويله الى ضاحية لاسرائيل.
الديبلوماسي قال ما قاله امام اعلامي بارز من الدولة الخليجية اياها وشديد الشغف بلبنان وبالتفاصيل اللبنانية، موضحاً ان الحديث شخصي وقد يتقاطع او يتعارض مع السياسات الاميركية الرسمية بصورة او بأخرى.
وهو يعتبر ان الاسرائيليين هم الاكثر قدرة على التلاعب بالحقائق او على تشويهها. دائماً يحاولون الايحاء بان حصول دولة ما، ولو على عشر دبابات او على عشر طائرات، يحدث خللاً في توازن القوى، فيما اثبتت التجارب انه لا مجال لاي توازن يقوم على النوعية مقابل الكمية. غالباً ما يذهب السلاح العربي الى المستودعات او يكرس لحماية الانظمة، وعلينا ان نتصور ان احدى الدول استخدمت طائرة الاواكس المخصصة لادارة العمليات العسكرية الاكثر تعقيداً من اجل مكافحة تهريب المشروبات الكحولية.
امام «حزب الله» لا مجال للتلاعب بالحقائق. ثمة ترسانة صاروخية، وتفجيرية، هائلة. موشي يعالون الذي يعتبر الدماغ الفولاذي داخل الحكومة الاسرائيلية تحدث بما يشبه الصراخ امام نظيره وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل حين تساءل «ما اذا كنتم تريدون هيروشيما اخرى في تل ابيب».
وبحسب السفير فان يعالون استعاد مشهد الـ 300 قاذفة اميركية وهي تغير ليل 9 آذار 1945 على طوكيو. آلاف الاطنان من القنابل سقطت على المدينة التي احترق فيها ربع مليون منزل ومات اكثر من مائة الف ياباني. احد الضباط وصف تلك الليلة بـ «ليلة الملائكة».
الاسرائيليون يعتقدون بل ويجزمون بان باستطاعة «حزب الله» ان يدك تل ابيب بكمية اكبر من المتفجرات. هذه بمثابة الحقيقية المطلقة لديهم، ان استناداً الى معطيات استخباراتية او وفق تقديرات جهات دولية متخصصة، ناهيك عن اللهجة التي يتحدث بها (السيد) حسن نصر الله الذي يحلل الاسرائيليون تقاطيع وجهه، وحركات اصابعه، وحتى ضحكاته حين يتكلم.
الديبلوماسي الاميركي يستغرب ان يصل التوجس الاسرائيلي الى هذا الحد، ودون ان ينفي ان لدى «حزب الله» القوة التي تثير الهلع لدى القيادة الاسرائيلية، واصفاً صواريخ غزة التي فعلت ما فعلته بانها اقرب ما تكون الى الالعاب النارية اذا ما قورنت بصواريخ «حزب الله».
يقول انه مثلما يعرف المفاوض الايراني اين هي اسرائيل في رأس المفاوض الاميركي، فهو يعرف كيف يفاوض بالصواريخ لا عليها. هنا مأزق المفاوضات!
نبيه البرجي