قبل أعوام قليلة، لم يكن جمال معروف يحلم بالوصول إلى مرحلة، تتداول كبرى الصحف والوكالات العالمية بإسمه، فالرجل القادم من إدلب كان همه الوحيد ينحصر في كسب رضى رب عمله من أجل ضمان إستمراريته في تأمين لقمة العيش.
حط الربيع العربي اوزاره في سوريا، وشرعت مناطق ريف إدلب (مسقط رأس معروف) أبوابها لرياح الربيع القادم، سريعا إعتلى معروف القادم من حقل البناء صهوة الثورة، وأخذ يلعب دور المثقفين والمفكرين الذين يقودون عادة الثورات وينظرون لها، ويساهمون في نجاحها.
الحراك السلمي لا يجدي نفعا مع رجال من أمثال معروف، فالعمل المسلح عادة ما يدر فوائد أكبر، تعسكرت الثورة، وحمل المعارضون السلاح، فإستلم جمال معروف الراية، فعامل البناء أصبح وبسحر ساحر القائد الثوري الملهم الذي دانت له السيطرة على مفاصل الحياة في منطقته.
للأزمة السورية فوائد كثيرة على قائد جبهة ثوار سوريا جمال معروف الذي أصبح وبدلاً من الإنتقال إلى لبنان للعمل في مهنته، يستقل طائرة للتوجه إلى تركيا من أجل لقاء ضباط إستخبارات دول غربية، أو يرسل إلى جنيف من يمثله لحضور إجتماعات وفدي المعارضة والحكومة السورية.
طوال أعوام الأزمة سعت أميركا وبكل جهد إلى إيجاد شخصية تضطلع بمهام قيادية ضمن صفوف المعارضة السورية، الرغبة الأميركية وجدت ضالتها في أمير البناء، جمال معروف، الذي كان على قدر آمال الأميركيين، والسعوديين والقطريين وجميع من يتدخل في الشؤون السورية، فالرجل بإستطاعته إرضاء الجميع.
أولى مهام معروف القيادية من أجل نيل الرضى الأميركي، كانت في خوض نزال مع الجبهة الإسلامية، فعلها قائد ثوار سوريا ولاقى إستحسان أبناء العم سام، وفي ذات الوقت إرتمى في أحضان رئيس الهيئة السياسية في الجهة، وقائد حركة أحرار الشام حسان عبود، معلنا تصويب بوصلة القتال نحو النظام السوري، وهكذا إنتزع معروف إعترافا أميركيا بوجوده، وتسامحا خليجيا بعد إشتباكه مع الجبهة ذات التوجهات الإخوانية والسلفية.
تقول شخصية سورية معارضة في إطار تعريفها عن جمال معروف،: أمثال قائد جبهة ثوار سوريا يعتبرون من ابرز أسباب تأخر نجاح الثورة، فلمعروف تاريخ حافل في سرقة الإمدادات، وقتل الجنود المنشقين، والإشتباك مع فصائل تابعة للمعارضة، وأيضا مصادرة سلاحها، وقوافل المعارضة المتجهة إلى ريف اللاذقية ابلغ مثال على تصرفات معروف”.
لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وجبهة جمال معروف علاقة من نوع آخر، فداعش تتهم معروف بقتل مقاتليها من المهاجرين، وإغتصاب النساء، ومساندة الكفار على المسلمين، بينما يعتبر معروف انه من ساهم بشكل كبير في طرد داعش من ريف إدلب، ولولاه لكان إمتداد التنظيم وصل من دير الزور شرقا حتى إدلب غربا، مرورا بحلب والرقة.
جمال معروف يمتاز إلى جانب عمله الثوري، بتصريحاته المتناقضة، فهو أعلن أنه يحارب إلى جانب جبهة النصرة (فرع القاعدة في بلاد الشام)، ليعود ويسحب تصريحاته في اليوم التالي معلنا عن محاربته فلإرهاب إلى جانب رئيس الإئتلاف أحمد الجربا.
المعارض السوري يقول لـ”آسيا”: مخطيء من يظن أن الديمقراطية التي تسعى أميركا إلى ترويجها في سوريا، تشابه تلك التي تطبقها على الأراضي الأميركية، فجمال معروف هو النموذج الابرز للديمقراطية في سوريا بحسب الأميركيين، الذي قد يعتبرون اننا لا نستحق أكثر من قائد كجمال معروف في المرحلة القادمة”.