تحدث قطب سياسي لبناني لـ”إيلاف” عن دعوة وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، إلى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة الرياض، قائلاً إنه لا يمكن فصلها عن التطورات التي تشهدها المنطقة منذ أسابيع.
بيروت: يعتقد قطب سياسي لبناني أن إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن توجيه دعوة الى نظيره الايراني محمد جواد ظريف، لزيارة الرياض، لا يمكن فصله عن جملة أحداث وتطورات تشهدها المنطقة منذ اسابيع، وتصب كلها في خط ايجاد حلول سياسية للازمات التي تضرب الاقليم، من البحر المتوسط غربًا وحتى باكستان شرقا، ومن اليمن جنوبا وحتى اوكرانيا شمالا.
ويضيف هذا القطب لـ”إيلاف” أنه لا يمكن فصل هذا التطور على مستوى العلاقة السعودية – الايرانية عن التطورات التي تشهدها العلاقة الاميركية – السعودية، والتي كانت عناوينها الجديدة زيارة وزير الدفاع الاميركي إلى الرياض تشاك هاغل، التي تأتي بعد اسابيع من زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما للعاصمة السعودية، وعن انطلاق جولة المفاوضات الحاسمة بين ايران ومجموعة الدول الست في جنيف. كذلك لا يمكن ايضا فصل هذا التطور السعودي – الايراني عن تلك التي تشهدها الازمة السورية ميدانيا، بعد استقالة الموفد الاممي – العربي للسلام في سوريا الاخضر الابراهيمي من مهمته، والسعي الى تعيين خلف له يرجح ان يكون شخصية غربية لا عربية.
ولكن مهما اختلفت التكهنات والروايات حول الاسباب، التي دفعت الجانب السعودي الى دعوة رئيس الديبلوماسية الايرانية لزيارة الرياض، فان المعلومات التي توافرت لـ”إيلاف” من مصادر لبنانية واخرى ديبلوماسية، تفيد ان الرياض كانت ردت على الرغبة التي ابداها ظريف لزيارتها خلال جولته على عدد من دول الخليج المجاورة للسعودية، قبل بعضة اشهر، بانها مستعدة لاستقباله على مستوى نظيره السعودي فقط، على ان يستقبله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في زيارة يقوم بها لاحقا الى المملكة. لكن الجانب الايراني اصر يومها على ان يكون في برنامج زيارة ظريف لقاء له مع خادم الحرمين، يمهد للزيارة التي عبر الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني عن رغبته القيام بها الى الرياض، بعد انتخابه باسابيع، مشددا على ان بلاده تريد اقامة افضل وامتن العلاقات مع السعودية.
الحوار بين المذاهب
وتؤكد هذه المصادر لـ”إيلاف” ان التطور الايجابي في العلاقة السعودية ـ الايرانية سيؤدي شيئا فشيئا الى انهاء الفتنة المذهبية التي تهدد المنطقة، لما للبلدين من ثقل وتأثير كبيرين في العالم الاسلامي، واشارت الى ان مركز الحوار بين المذاهب الذي تقرر انشاؤه في قمة منظمة التعاون الاسلامي في مكة المكرمة قبل سنتين، بناء على اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، ستفعّل خطوات عمله، في اطار تعزيز الوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب الاسلامية، خاصة ان لدى ايران مجمع لهذا التقريب يعمل من عشرات السنين في داخل ايران وخارجها. وان تكامل الدورين السعودي والايراني في هذا المجال، ستكون له نتائجه المؤثرة على مستوى انهاء الفتنة المذهبية بين المسلمين.
“جيراننا أولويتنا”
وفيما بوشرت التحضيرات السعودية – الايرانية لزيارة ظريف، فقد علمت “إيلاف” ان الرجل سينطلق في بحثه مع الجانب السعودي انطلاقا من الافكار التي تضمنها المقال، الذي كان كتبه في جريدة “الشرق الاوسط” السعودية قبل بضعة اشهر، تحت عنوان “جيراننا اولويتنا” والذي تضمن ما يشبه برنامج عمل لحوار سعودي – ايراني يتناول سبل تطوير العلاقات وتعزيزها بين البلدين وبين ايران وكل الدول العربية المجاورة لها في منطقة الخليج العربي.
وقد دعا ظريف في هذا المقال الى “بناء إطار عمل شامل من الثقة والتعاون في هذه المنطقة الاستراتيجية، وأي شكل من الإقصاء سيخلق عدم الثقة والتوتر والأزمة في المستقبل”. وشدد على “ضرورة توضيح فكرة أنه ما دام تعاوننا ليس على حساب أي طرف آخر، وما دام سيعزز الأمن للجميع، فنحن مدركون لتنوع المصالح المترابطة الموجودة في المنطقة” . ورأى ظريف “ان ما يجمعنا يفوق بكثير ما يفرقنا، ونحن بحاجة إلى تقدير واع لحقيقة أن لدينا مصالح مشتركة وأننا نواجه تحديات مشتركة، وأننا يجب أن نتعامل مع هذه التحديات المشتركة، وأن نستفيد من الفرص المشتركة. باختصار، لدينا مصير مشترك.جميعنا لديه مصلحة في منع حالة التوتر في المنطقة، والحد من التطرف والإرهاب، وتعزيز التوافق بين مختلف المذاهب الإسلامية، والحفاظ على سلامة أراضينا، وضمان استقلالنا السياسي، وضمان التدفق الحر للنفط، وحماية بيئتنا المشتركة. هذه هي ضرورات حتمية لأمننا وتطورنا المشترك”.
زيارة روحاني
ولم يستبعد ديبلوماسي ايراني في بيروت ان تمهد محادثات ظريف مع المسؤولين السعوديين لزيارة الرئيس الايراني روحاني للرياض خلال الشهر المقبل، او خلال شهر رمضان الذي يصادف في تموز المقبل بحيث يؤدي خلالها مناسك العمرة على هامش محادثاته مع خادم الحرمين الشريفين الذي يقيم طوال شهر رمضان في كل عام في قصر الصفا الملاصق للحرم المكي الشريف في مكة المكرمة، ويستقبل فيه الضيوف الكبار من مختلف دول العالم الاسلامي.
ايلاف