في ثكنة الشهيد جوزف ضاهر، طبقة كتب على احد جدرانها “السرقات الدولية”، يركض احد الاشخاص مسرعا في اتجاه سيدة “سيدنا” يبدو ان الموقوف سهر طول الليل لإزالة محادثات الـ” واتس آب” ولا يريد ان يعترف! “اصبروا عليه” أجابت السيدة.
ما هي الا عشر دقائق، وخلال خروجنا من هذا المكتب المزدحم بانشغال فريقه، عاد الشخص نفسه الى مكتبها وعلا صوته من الخارج… “سيدنا … اعترف الموقوف”.
الرائد سوزان الحاج قابلتنا بلباس مدني أنيق. من يصادفها في الطريق لا يتكهن بان هذه المرأة يمكن ان تكون كشفت اكبر عمليات القرصنة الالكترونية. وسط زحمة عملها، تقول: “أُنشئ مكتبنا مع ظهور جرائم حديثة، وهو يهتم بملاحقة عمليات الاحتيال والابتزاز وتبييض الاموال الكترونيا”. يتألف المكتب من اربعة اقسام. القلم: جزء اداري يهتم بضبط عملية البريد الخاص والسري والعادي. نقاط الحراسة والدوريات الامنية. مشاغل التحقيق: 11 مشغلاً تعدّ فيها محاضر التحقيق. المشغل الفني تعتبره الحاج “العصب”، فيه خوادم المكتب وبرامجه، وتجري فيه عمليات التحليل.
وتضيف: “عدد افراد المكتب 70، مع 4 ضباط”. القاعدة التي يعمل على اساسها المكتب هي ان “كل ما يحصل في الحياة العادية علينا توقع حدوثه في الحياة السيبيرية” وفق الحاج.
ومن الجرائم التي يلاحقها المكتب:
– سرقة حساب وانتحال صفة صاحبه للاحتيال على الاشخاص بطلب تحويل اموال. – الاحتيال على مواطنين يتعاملون مع شركة عالمية، اذ يدخل المقرصن على الخط وينتحل صفة الشركة، ويوهم الزبائن ان البضاعة وصلت ويحصل على الاموال.
– عمليات الابتزاز، كتكوين صداقات يتضح عبرها ان احد الطرفين يستدرج الآخر لالتقاط صور له غير اخلاقية وابتزازه.
– عمليات تبييض الاموال، وعبرها تحويل الاموال غير الشرعية شرعية، باستخدام المواقع المسهّلة للدعارة ومواقع القمار التي تسمح للشخص بفتح اكثر من حساب يوزع عليها امواله، وهناك حق حصري لـ”كازينو لبنان” بلعب القمار.
– قرصنة بطاقة الائتمان وبيعها عبر مواقع إلكترونية.
– ظاهرة تحويل “العملة الالكترونية” واقعية، شبيهة بتجربة بنك “ليبرتي ريسرف” التي لم يوافق عليها لبنان بعد.
ماذا عن الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ تجيب: “لا امكان لمراقبة كل المواقع، لكن هناك خلية خاصة برصد الاعمال الارهابية، من بيانات أو تصريحات، لإرهابيين، أو تكون حسابات ذات طابع أمني، قد تكون المدخل لعملية ارهابية، أما كلام الناشطين على “تويتر” و”فايسبوك” فليس جريمة إلكترونية بالنسبة الينا”.
“جبهة النصرة” و”عبدالله عزام” والأسير سألنا عن الحسابات الخاصة بـ”جبهة النصرة في لبنان” و”كتائب عبدالله عزام” والشيخ احمد الاسير، لكن الحاج المدركة ان الارهابي سيقرأ هو ايضا ما ستقول، تحاذر في اعطاء معلومات الى حد المراوغة.
وتقول: “لا حالة تشبه الثانية، لا نستطيع ان نعمم ان خلفها انصارا او هم فعليون أو يتبنون افكار الغير وينقلونها، لكن الاكيد، وعموما، ليست كلها صحيحة”. “
مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية ليس الوحيد المخول بملاحقة هذه الحسابات، وبما انها تحمل طابع الامن القومي والارهابي، فترصدها ايضا المكاتب الفنية في شعبة المعلومات ومخابرات الجيش وقسم الارهاب”. وتضيف الحاج: “خلال عملنا اتضح ان الذين هم وراء الكثير من الحسابات المشابهة ليسوا المعضلة الاساسية في المعادلة، وكثير من الاحيان يتبين انهم انصار يسحبون الاخبار من هنا وهناك وينشرونها”.
ماذا عن حساب الأسير؟ تجيب: “في مثل هذه الحالة نبحث عن موقع “اللوغ إن” الخاص بالحساب ومصدره، ونسأل “تويتر”، واخيرا وردتنا اجوبة تؤخر عملنا تتعلق بتغيير اسلوب العمل، اذ بات “تويتر” يطلب استنابات قضائية… والخوادم الكبيرة “تويتر” و”يوتيوب” و”فايسبوك”، ليست تحت سلطة لبنان غير الموقع معاهدة تنسيق مع الخارج، مثل “بودابست” التي تلزم التعاون الدولي”.
يواجه المكتب مشكلة عملية تنظيم شركات خدمات الانترنت التي لا تزال حديثه. وتقول الحاج: “منذ سنة فقط اصدرنا تعميما بمساعدة النيابة العامة التمييزية يجبر كل الشركات على تسجيل حركة الانترنت لديها (اللوغ ان واللوغ اوت)، وتوصّلنا الى ضبط 80% من الحركة”، وتشدد على ان “المكتب يحقق في هذه الحسابات ويحضّر القاعدة المناسبة التي تسمح بالوصول الى الجهات الارهابية”.