إستاذ سالم زهران نرّحب بِكَ عبر موقع الـ ” tayyar.org ” ، ونتشرّف بحضورك في
هذه المقابلة الخاصة، حضرتك مرجع دائم لموقعنا في الحديث عن الشؤون اللبنانية،
السورية والدولية.
س: نستهل الحديث عن الوضع اللبناني، جميعنا يعلم أنّ الإنتخابات
الرئاسية المقبلة تسرق جميع الأضواء، ما هي مواصفاتك للرئيس اللبناني القادم
؟
ج: إذا كنّا متجهين في المرحلة المقبلة إلى الشراكة على المستوى
الوطني، ما حصل بعد إتفاق الطائف لم يكن يعبّر حقيقةً عن شراكة وطنيّة، فما كان
إلاّ مجرّد كذبةً.
نتج عن إتفاق الطائف غالب ومغلوب، قيل حينها للمسيحيين ” لقد
هُزِمتم في الميدان وعليكم أن تدفعوا الثمن في السياسة “، تمّ إستبعاد وتهجير
العماد ميشال عون، وإعتُقِلَ سمير جعجع، وإستحوذ على الحصة المسيحية في الوزارات
وفي إدارات الدولة بعض الذين لم يكن لديهم أي تمثيل، على سبيل المثال، النائب سعيد
( والدة فارس سعيد ) التي دخلت البرلمان حائزة على ستة وثلاثين صوتاً في رقم ربما
أن يدخل كتاب غينيس..!
خرج الجيش العربي السوري من لبنان من خلال إتفاق
وقرار دولي بإمتياز، رفع فريق ” 14 آذار ” شعار الحرية والسيادة والإستقلال، أمّا
في المضمون فقد مارست الحريرية السياسية لدى حُكمِها في لبنان نفس الحِكِم الذي
مورس في عهد السوريين، وبقي المسيحيون مجرّد شهود زور على التركيبة
اللبنانية.
إذاً في ذهابنا إلى الإستحقاق الرئاسي في ظلّ الوضع الطائفي في
لبنان، ومع إستمرار الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب وهذا ما تبدو عليه الأمور،
ومع إستمرار سعد الحريري أو الشخص الذي يكلفه رئيساً للحكومة، يجب أن يكون الرئيس
الماروني صاحب التمثيل الشعبي الأكبر.
صفة التمثيل المسيحي والوطني يجب ألا
تسقط عن الرئيس القادم، خصوصاً في ظلّ التقاسم الطائفي المذهبي بإمتياز. أمّا الصفة
الثانية التي يجب أن تتوافر في الرئيس القادم، هي صفة الدولة ذلك من خلال إحترام
مؤسساتها، لقد حان الوقت لبناء لبنان المؤسساتي وإلاّ مصيرنا يكون الذهاب إلى تجربة
شبيهة بتجربة اليونان وغيرها من الدول التي أعلنت إفلاسها. نحن على شفير الهاوية
والإفلاس ونحتاج إلى رجل مؤسساتي بإمتياز.
أمّا الصفة الثالثة وهي الأساس في
هذه المرحلة، هي القدرة على مكافحة الإرهاب والتوأمة بين الجيش والمقاومة.
جميع
هذه الصفات لا يحملها إلاّ شخص واحد، الحرف الأول من إسمه هو العماد ميشال عون.
ليس حبًّا بالجنرال، ولكن حزب الله اليوم شئنا أم أبينا هو جزء من الإشتباك
في هذا البلد، الوحيد القادر على الحوار مع حزب الله، وعلى مفاوضة الحزب، وعلى
إيجاد إستراتيجية قومية دفاعية تقوم بتوأمة بين سلاح الحزب وسلاح الجيش اللبناني هو
العماد ميشال عون.
المقاومة لا تثق بأحد لتسلمه إستراتيجيتها إلاّ العماد عون،
وهذا الكلام نابع من الواقع لا التحليل. إذا أرادوا معالجة مشكلة حزب الله، عليهم
أن يأتوا بالعماد عون رئيساً للجمهورية.
لا يمكن لأي رئيس صداميّ مع المقاومة أن
يصوغ حلّ مشكلتها. إذا أرادوا أن يعيدوا هيبة الدولة والمؤسسات والجيش اللبناني،
يجب أن يأتوا بقائد الجيش السابق العماد عون.
إذا أرادوا تمثيل المسيحيين
تمثيلاً سليماً لأنّ حتى اليوم، أكثر من ثمانين بالمئة من النواب الموارنة هم ضمن
تكتل التغيير والإصلاح الذي يرأسه العماد عون.
من يريد أن يعالج حزب الله في
لبنان، عليه أن يأتي بصديق لهذا الحزب وليس بخصمٍ له.
هذه هي مواصفات رئيس
الجمهورية العامة التي لا يمكن إلاّ أن تُسقَط على العماد ميشال عون.
س: هذا الحديث يفسّر تماماً عن إسم مرشحك لرئاسة الجمهورية، الذي هو
طبعاً العماد ميشال عون.
ج: الأمر لم يعد سرّاً، المرشح الطبيعي
للرئاسة إستناداً إلى كل ما ذكرناه، هو العماد عون. كما أنّ هذا الترشيح يرضي شرائح
كبيرة من المجتمع اللبناني في ظلّ هذه التركيبة الطائفية.
المسيحيون يرضون
بالعماد عون، ويشعرون أنّ الزعيم الأكثر تمثيلاً قد وصل. الشيعة يرضون، ويشعرون أنّ
هواجسهم لعلّ أبرزها سلاح المقاومة بأمان. السُنّة لديهم هاجس وهو سلاح حزب الله،
ودخول هذا الحزب في تركيبة الدولة، ولن يستطيع أحداً أن يطمئن هذا الهاجس إلاّ
العماد عون.
س: كيف ترى سيناريو جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية، فهل سيُنتخب الرئيس من
الجلسة الأولى؟
ج: حكماً لن يكون هناك إنتخاب رئيس للجمهورية من الجلسة
الأولى.
هناك صراع بين إرادتين، واحدة تريد رئيساً ” له فم يأكل.. وليس له فم
ليتكلم ” وأخرى تريد حلّ إستراتيجي للبنان. الظروف الراهنة غير ناضجة لقيام حلّ
إستراتيجي في لبنان، لأنّ السعودية ما زالت في مرحلة ترتيب الملّفات قبيل التفاوض
مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما أنّ إيران غير جاهزة للتفاوض قبل منتصف شهر
تموز أي قبل موعد إستحقاق الملف النووي الإيراني والإجتماع المفصلي مع الدول ( 5
زائد 1 ).
أعتقد أنّ لا إنتخابات رئاسية في لبنان قبل شهر آب وذلك بإنتظار
إكتمال الصورة العامة.
من ناحية أخرى، إذا تمكّن اللاعبين المحليين بينهم وليد
جنبلاط وربما الرئيس برّي، من تمرير الإستحقاق بالإتفاق مع البطريرك الراعي الآن،
ممكن أن يأتي رئيس مؤقت.
س: عندئذٍ من سيكون مرشحك لرئاسة الحكومة؟
ج: إذا كان
العماد عون رئيساً للجمهورية، يكون النائب سعد الحريري رئيساً للحكومة.
أمّا في
حال الإتيان برئيسٍ مؤقت، أعتقد أنّ رئيس الحكومة سيكون مؤقت أيضاً.
س: أمنياً، كيف تقرأ تنفيذ الخطة الأمنية على الأرض، وكيف ترى تأثير هذه
الخطة على ظاهرة الإنفجارات التي تقلّصت مع تنفيذ الخطة الأمنية؟
ج:
الخطة الأمنية هي نتيجة ترجمة توافق سياسي كبير محليّ وإقليمي، ليست هذه الخطة
الأمنية هي التي أتت بهذا الحلّ الذي نعيشه.
هناك عدّة عوامل ساهمت في إنتاج
هذا الحلّ، العامل الأول كان تغيير رأس الإستخبارات السعودية الذي كان يرأسها بندر
بن سلطان، لم يعد هذا التغيير مجرّد تخميناً بل أصبح أمراً واقعياً لا سيّما صدر عن
الملك السعودي. كان لبندر بن سلطان عدّة شبكات موت في لبنان، منها مثلاً ماجد
الماجد، سقطت بعد الماجد سلسلة كبيرة كانت تشكل عامود فقري للتفجيرات في لبنان.
ماجد الماجد، محمد جمال دفتردار، عمر الأطرش، نعيم عباس، محمد قاسم.. ومنهم من
قُتِل كسامي الأطرش وسواهم. سقوط هذا العامود الفقري جاء نتيجة قرار صادر من
المملكة السعودية.
عندما دخل تيار المستقبل وحزب الله في حكومة شراكة، جاء نهاد
المشنوق وزيراً للداخلية، وأشرف ريفي وزيراً للعدل، ما أدّى إلى سخط كبير من
الجمهور العام، ولكن من كان في الكواليس أدرك أنّ ما حصل هو نتيجة تسوية وقرار
لتسليم تيار المستقبل زمام الأمن كي يستطيع مواجهة الإرهابيين. لا يستطيع أي وزير
للداخلية، ولأي طائفة ينتمي، أن يواجه هذه المجموعات الإرهابية إلاً إذا كان سُنياً
وقريباً من المستقبل، وهذا ما حصل.
إذاً الخطة الأمنية هي ترجمة حرفية
لإتفاق يقضي بتحييد لبنان عن ساحة الإقتتال، بإغلاق معابر الموت، وبتهيئة الظروف
لتسوية أو لهدنة طويلة.
هناك عامل آخر أساسي ساهم في نجاح الخطة الأمنية، هو
قدرة حزب الله على السيطرة على الحدود في القرى السورية المجاورة للبنان، من بلدة
بيت جن المتاخمة لشبعا وصولاً إلى تلكلخ المتاخمة لوادي خالد في عكار.
حزب الله
منتشر اليوم داخل الأراضي السورية على طول الشريط الحدودي بين لبنان وسورية،
تقريباً لحوال 75 بالمئة.
جميع هذه العوامل إضافةً للجهد الكبير الذي تبذله
إستخبارات الجيش اللبناني والعمل التقني المحترف، ساهمت بهدوء مسلسل التفجيرات في
لبنان.
س: في الحديث عن التهديد الإسرائيلي المباشر للبنان في الآونة الأخيرة،
وكيف تحلل الغارة التي طالت بلدة النبي شيت؟
ج: عودتنا إسرائيل أن يكون
في كل عرس لها قرص، لكن الزمن تحول وتغيّر!
أمّا الغارة الإسرائيلية على بلدة
جنتا، جاء الرّد عليها في مكانين مميزين من قبل المقاومة.
المكان الأول كان في
مزراع شبعا من خلال عمليّة نوعية مع العلم أنّ أي عملية داخل هذه المزارع يرعاها
القرار الدولي 1701 أمّا العملية الثانية كانت داخل الجولان المحتل في سيناريو
يحاكي ما حصل في مزارع شبعا.
إذاً قالت المقاومة لإسرائيل، ” لديكم القدرة على
الضرب مخترقين 1701 أمّا أنا لدي القدرة على القيام بعمليات نوعية ضمن هذا القرار
الدولي في مزارع شبعا، وعلى جبهة الجولان التي بقيت هادئة لفترة طويلة مع
إسرائيل”.
قواعد الإشتباك الجديدة التي ثبتتها المقاومة، تمنع اسرائيل من الدخول
في أي مغامرة مجهولة. لن يكون للإسرائيلي القدرة على الحرب في لبنان، أمّا إذا أراد
إختيار الحرب، ستكون ربما على الأراضي السورية ولا على الأراضي اللبنانية.
سورية
س: ما هي حظوظ الرئيس بشار الأسد في الرئاسة السورية
المقبلة؟
ج: الرئاسة المقبلة قد حُسِمَت.
في التفاصيل الذي تقال
للمرة الأولى، نظام الإنتخابات في سورية الجديد يُلزم أي مرشح بأن ينال تفويض من 35
نائب كي يتقدّم بترشيحه، تشبه تقريباً الطريقة المصرية.
عدد النواب الذين هم
خارج كتلة حزب البعث وحلفائه، هم 90 نائب مستقل. نظرياً، لا يمكن إلاّ أن يكون هناك
مرشحين ولس أكثر في منافسة الرئيس الأسد.
معلوماتي الشخصية تقول أنّ الرئيس
الأسد سيخوض المعركة بمواجهة مرشحين، أحدهما عضو بارز في مجلس الشعب، والثاني من
خارج مجلس الشعب.
ستجري إنتخابات ديمقراطية في منتصف حزيران، وخلال أيام سوف
يرشح حزب البعث العربي الإشتراكي بشكل رسمي الرئيس بشار الأسد، وسوف يفوز بتلك
الإنتخابات ولكن لن تكون هذه المرة على طريقة 99,9 بالمئة، وسوف يثبت الرئيس الأسد
نفسه في المعادلة القادمة أقلّه لسبع سنوات أي مدة الدورة الرئاسية التالية.
س: كيف تفسّر التقدم الميداني العسكري للجيش العربي السوري
اليوم؟
ج: إذا أردنا القراءة العسكرية لسورية اليوم، تكون هذه القراءة
من خلال عدة زوايا.
سورية اليوم هي دمشق العاصمة والأطراف المحيطة، في 18 تموز
2012 يوم سقط الضباط الشهداء على رأسم أصف شوكت، ظنّ كُثر أنّ العاصمة قد
إنهارت.
حصلت إشتباكات فيما بعد داخل مبنى الأركان في ساحة الأمويين على بعد
أمتار من مبنى التلفزيون السوري، دمشق اليوم آمنة، فشل غزو وإقتحام دمشق ثلاثة
مرات، كما وفشل سيناريو الهجوم من درعا.
بقي أنّ الخطر الوحيد على دمشق هو من
خلال قذائف الهاون التي تسقط وتقتل طفلاً، أو عابر سبيل.. قذائف الهاون لا تقدر أن
تسقط مدينة، خصوصاً أنّ السوريين إعتادوا على
الموت مع الأسف.
هناك حدود مع
لبنان، ومع فلسطين، والعراق، والأردن ومع تركيا.. بعد تحرير القلمون، تكاد تصبح
الحدود مع لبنان آمنة مئة بالمئة خلال أيام قليلة، تقدم الوضع الميداني مع لبنان
وأدّى إلى إقفال الحدود.
الحدود مقلقة اليوم مع فلسطين المحتلة، هناك
عمليات داخل القنيطرة، كما أنّ هناك الجيش السوري على طريقة الجيش اللحدي داخل
القنيطرة إضافةً إلى محاولات اسرائيلية لقيام شريط جديد كما هو الأمر في الشريط
الجنوبي. ولكن بعد العملية النوعية التي حصلت في الجولان، المعارك القادمة ما بعد
القلمون ستكون في القنيطرة وليس في أي مكان آخر.. تلك العمليات سوف تثّبت الحدود
الآمنة مع فلسطين المحتلة.
من ناحية الحدود مع الأردن، جزء منها منضبط بالأمن
والأقنية الأمنية المفتوحة مع الأردن، وجزء آخر هو قيد الإشتباك، أعتقد أنّ بعد
تطهير أحياء حمص القديمة بعد معركة القنيطرة، سوف تتجه الأنظار إلى معركة درعا التي
ستكون مفصليّة في تأمين الحدود مع الأردن.
أمّا الحدود مع العراق، هناك
معابر تحت سيطرة الجيش العربي السوري كما أنّ هناك معابر تحت سيطرة داعش والنصرة.
الحرب على الحدود العراقية هي حرب شرسة وليست سهلة، فهي حرب تخاض مباشرةً مع تنظيم
القاعدة وجهاً لوجه، وربما بعد انتهاء الإنتخابات وتشكيل حكومة جديدة في العراق،
تكون قدرة التنسيق أعلى لضبط تلك الحدود.
تبقى المشكلة عند الحدود التركية، وما
لها من انعكاس على الشمال السوري وتحديداً على حلب.
منطقة حلب ستكون الطبق
الأخير على مائدة الحلّ العسكري السوري، لأنّ الواقع يقول أنّ التركي ما زال
متمسكاً برأيه وبعناده، ومتمسكاً بحربه على سورية خصوصاً بعد قوة الدفع التي أخذها
في الإنتخابات البلدية. وبالتالي، التقدم الذي يحصل على جميع الحدود، يحتاج إلى
المزيد من الوقت كي يصل إلى الجبهة الشمالية.
س: ما هي أبعاد معركة كسب، ولمن ترجّح الدفّة، وما هو مدى التورط التركي
بمعركة كسب؟
ج: لا يمكن قراءة معركة كسب بالحاضر فقط، لهذه المعركة
أبعاد لها علاقة بالتاريخ، وبالماضي، وبالحاضر وصولاً إلى المستقبل.
في الحاضر،
الذي حصل أنّ فلاديمير بوتين أخذ بالقوة القرم التي تعتبر المنفذ البحري الأساسي في
البحر الأسود لروسيا، ففوضت الإدارة الأميركية الجانب التركي بأن يدخل إلى كسب وبأن
يأخذ منفذاً بحرياً بديلاً قبالة البوارج والبواخر الروسية. لذلك لا يمكن قراءة
معركة كسب بمعزل عن هذا الموضوع في الحاضر.
أمّا في الماضي، لقد إرتكب أجداد
أردوغان الأتراك مجازر كبرى بحقّ الأرمن، ودعمت روسيا الأرمن في حين دعمت تركيا
الشيشانيين الذين يشكلون 17 فدرالية من روسيا الإتحادية. لذلك رأينا المدفعية
التركية في كسب ترمي في الوقت عينه الذي يتقدم به المشاة الشيشاني، وذلك في تنسيق
واضح وهو الأعلى، وفي صياغة ضمن الحاضر لمشهد من مشاهد الماضي. كما وتابعنا في
الجهة المقابلة، الأرمن السوريين بدعمٍ روسي يتقاتلون مع الشيشانيين بدعم
تركي.
سورية اليوم أصبحت تشبه لبنان في زمن الحرب الأهلية، ملعب يتقاتل عليه
كل الذين يريدون أن يقاتلوا بعضهم البعض.
في المستقبل، لا يمكن لسورية ولحلفائها
وعلى رأسهم روسيا، أن يقبلوا بأن يكون للمعارضة منفذاً بحرياً عند الساحل السوري،
خصوصاً أنّ مشروع تقسيم سورية إلى دويلات ما زال قائماً حتى هذه اللحظة، ولا تستطيع
دويلة أن تأخذ شكل الدويلاتي من دون أن يكون لها منفذاً بحرياً.
المطار يمكن
التعويض عنه في أي مكان آخر، أمّا المرفأ فلا يمكن أن يكون إلاّ عند الشاطئ.
كي
تقام تلك الدولة المنفصلة، يجب أن يكون لها منفذاً بحرياً، وهذا ما تسعى إليه
المعارضة السورية، لأنّ المشروع هو تقسيم سورية.
س: إذا أردنا الحديث عن ما حصل من إستهداف لفريق قناة المنار منذ بضعة
أيام في معلولا، هل ترى أنّ هذا الإستهداف شخصيّ، وهل هدفه إيصال رسالة لحزب الله
عن طريق المنار؟!
ج: لدى حزب الله في منطقة القلمون جنود وغرفة عمليات،
هو مدرك لكل شاردة وواردة.
إذا كان حزب الله يدرك من قتل فريق المنار، وهو حتماً
يدرك، الأكيد أنّ ذاك القاتل سوف يُقتَل..!!
بيئة التشكيك التي تُزرع على مواقع
التواصل الإجتماعي بين الجيش العربي السوري وبين المقاومة من جهة، وبين الجمهور
السوري وجمهور المقاومة من جهة أخرى، العمل جار على هذا الموضوع منذ فترة
طويلة.
أنا على يقين أنّ هناك من يدير هذه الحملة الموجهة لإحداث شرخ في هاتين
البيئتين، لكن وسجلي هذا الأمر، الإطلالة القادمة لسماحة السيد حسن نصرالله سوف
يحسم كل هذا اللغط عند كلا الجمهورين وسوف يكون الموقف ناصعاً أبيضاً كالثلج، وبذلك
ليؤكد أنّ الذي قَتَلَ هؤلاء الزملاء هم تكفيريين..!
س: كيف ترى الصراع بين داعش والنصرة؟!
ج: الصراع بين داعش
والنصرة له عدّة أوجه، الوجه الأول هو الإقتتال على آبار النفط.
الآبار النفطية
في سورية محصورة في المنطقة الشمالية التي تسيطر عليها المعارضة، ويُقَدّر حجم مبيع
النفط اليومي السوري حوالي 12 مليون دولار، في حين أنّ هذه المعاضة تقوم ببيع حوالي
8 مليون دولار ويقوم الأكراد ببيع حوال 4 مليون دولار يومياً. هذا المشهد الإقتتالي
ليس بغريب.
في ليبيا، رحل نظام معمر القذافي وما يحصل من قتال هو بين الفصائل
التي إنقلبت على القذافي لكنه دائماً يحصل عند بوابة آبار النفط.
الشكل الثاني
من أشكال الصراع، هو صراع بين قطر والسعودية. لم يعد سرّاً أنّ هناك إشتباك جدّي
بين هاتين الدولتين، ويُترجم هذا الإشتباك أحياناً بإقتتال المجموعات الممولة من
الإستخبارات القطرية والسعودية.
أمّا السبب الثالث، هو صراع على السلطة، هؤلاء
الإسلاميين لم يستطيعون ولو لمرّة واحدة إستلام السلطة إلاّ وحصل إقتتال بين بعضهم
البعض.
قرأت في صحيفة الحياة سنة 1994 تصريح للعماد عون يقول أنّ هؤلاء
الإسلاميين سوف يصلون إلى السلطة، وسيحكمون، وسينهارون.
في سورية، بعض القرى
والمحافظات تحولت إلى إمارات قائمة مستقلة بحد ذاتها، شرطة خاصة، محاكم خاصة.. وكل
تفاصيل الحكم. من الطبيعي، أنّهم حين يحكمون سيوف يتقاتلون وسيفشلون.
دولياً
س: كيف تقرأ الصراع الروسي – الأوكراني العلني من جهة، والصراع الروسي –
الأميركي الخفي من خلال أوكرانيا من جهة أخرى؟
ج: حقيقة الصراع، هو
صراع بين الغرب أي أميركا وأوروبا، وبين الإتحاد الروسي.
هذا الصراع يحصل على
الملعب الأوكراني، إستطاعت روسيا في السنوات الأخيرة أن تحرز نقاط هامة على الأرض
المشرقية وتحديدا في سورية. كما وفتحت خطوط إمداد داخل جمهورية مصر العربية.
بدأ يلوح للإدارة الأميركية، كما لو أنّ الرئيس بوتين اليوم هو زعيم من زعماء
الإتحاد السوفياتي السابق، ونحن نذكر كيف كان عبد الناصر مرتبط بالإتحاد السوفياتي،
ويبدو اليوم أنّ هناك تركيبة مصرية وسورية ويد روسية في هذا العالم.
نجح
الأميركي بتوجيه صفعة قوية للروسي في أوكرانيا، كما ولعب عند بوابتها الخلفية.
إستطاع بوتين أن يرد هذه الصفعة من خلال ضمّ جزيرة القرم من دون أي نقطة دم،
وهذا إنجاز بالغ الأهميّة.
الحرب في أوكرانيا لم تنتهي، وهذه الحرب لن تنتهي
إلاّ أن يضم الرئيس بوتين كل أوكرانيا.
أخالف رأي الزملاء في فريقنا السياسي
بإعتبارهم أنّ بوتين منتصر، برأي أنّ الرئيس الروسي منهزم اليوم في المشهد
الأوكراني. في السابق كانت أوكرانيا كلها معه بينما اليوم جزيرة القرم فقط معه،
لذلك سيضم بوتين كل أوكرانيا سواء بصناديق الإقتراع أم بالقوة.
س: هل تظن أنّه تمّ إفتعال الأحداث في أوكرانيا لإلهاء روسيا عن الحدث
السوري؟
ج: الأمر بات واضحاً، أنّ النظام في سورية لن يسقط، وهذه
المعارضة لن تموت، والحرب مستمرة.
أراد الأميركي مدّ الزحف الروسي ليس فقط في
سورية بل في عدّة مساحات جغرافية أيضاً، وأراد أن يقطع أنبوب الغاز الذي يوصل روسيا
بأوروبا عبر أوكرانيا. القوة اليوم لم تعد عسكرية، ولا جغرافية، ولا عددية.. القوة
اليوم هي فقط إقتصادية.
ما يحصل في أوكرانيا هو بمثابة ضربة إقتصادية بإمتياز،
إستطاع من خلالها الأميركي أن يكبّد الروسي خسائر، وأيضاً أن يكبّد خسائر
للأوروبيين.. الأميركي يُشاهد في حين من يدفع الثمن إقتصادياً هم الأوروبيين الذي
تضرروا من عدم وصول الغاز إليهم، إضافةً إلى الروس الذين تضرروا من عدم بيع هذا
الغاز وتصريفه.
س: هل سيتم تقويد روسيا عسكرياً وإقتصادياً من المجتمع
الدولي؟!
ج: القطار الروسي قد أقلع، ولن يستطيع أحد أن
يوقفه.
فلاديمير بوتين ليس شخصية عادية في التاريخ الروسي الحديث، هو ذاهب
بروسيا نحو الحدائة، كما أنّه ذاهب لأن يثّبت روسيا كدولة عظيمة.
س: ما هي الكلمة الأخيرة التي تريد أن تقولها للعماد
عون؟
ج: الكلمة الأخيرة أولاً لموقع الـ ” tayyar.org ” ، أن يحافظ هذا
الموقع على مركزه الأول رغم آلاف المواقع التي ” تُفقّس ” يومياً كالبيض. إنّه
لإنجاز كبير أن يكون موقع لديه توجهات حزبية وهو في الطليعة، مما يعني أنّ الكثير
من المعارضين لتوجهاته السياسية يتابعون هذا الموقع ويولجون إليه.
كثيرة هي
الأحزاب التي تلجأ إلى العناوين الرمادية كي لا تُكشف هوية الموقع و يبتعد عنه
القرّاء، بينما أن يتابعك القرّاء وهم يعرفون هويتك من إسمك.. هذا إنجاز
كبير.
أمّا للعماد ميشال عون أقول، هذه هي فرصتنا الأخيرة، إمّا أن تكون في
بعبدا ونكون مواطنين برتبة لبنانيين.. وإمّا سوف تخذلك الطبقة السياسية مرّة جديدة
وألاّ تصل إلى بعبدا، وبذلك لاّ نصل نحن إلى رتبة لبنانيين.
تيار.اورغ