بعد حصارٍ مشددٍ دام نحو سته أشهر، فرضه الجيش السوري على الأحياء التي تنتشر فيها المجموعات المسلحة التابعة بغالبيتها “لجبهة النصرة” في مدينة “حمص” القديمة، لاسيما بعد خروج معظم المدنيين منها، وبعد هجومٍ مركزٍ على مقار المجموعات المسلحة استمر لنحو ستة أسابيع، حققت فيه القوات السورية تقدماً ملحوظاً في “المدينة القديمة” وأن يكن ببطْء، نظراً لكثافة المباني فيها، فأضحت في حكم الساقطة عسكرياً، طال الوقت أم قصر، وبات في حكم المؤكد أن وحدات الجيش ستصل اليها ولو تأخرت بعض الوقت، نظراً لدقة العمليات العسكرية، ولما عجز المسلحون من تحقيق أي اختراق للحصار المذكور، سلموا للواقع الذي فرضته القوات المسلحة، وذهبوا الى تسوية مع الجيش السوري، تفضي الى إخراج نحو 1200 مسلح بسلاحهم الفردي، من دون الثقيل، من “حمص القديمة” الى منطقة “الدار الكبيرة” في الريف الشمالي لحمص، برعاية وحضور بعض لجان المصالحة وممثلين عن الامم المتحدة.
وفي سياق متصل، لاتستبعد مصادر واسعة الاطلاع أن يتم تسوية أوضاع المسلحين غير المنضوين في تياراتٍ تكفيريةٍ في مرحلةٍ لاحقة، ما قد يفتح باب التسويات وتشجع على المصالحات في المناطق التي تزال خارجةً على القانون،على حد قول المصادر.
و لاشك ان لتأمين مدينة “حمص” أهمية استراتجية كبيرة، حيث يوجد فيها أكبر مصفاة نفط في سورية، وهي تشكل عقدة الموصلات الرئيسية فيها، وبالتالي فهي تربط البادية بالداخل والأخير بالساحل السوري، وبعدما استعادها الجيش السوري، قد يتقدم لإعادة فتح طريق “حمص- حلب” الدولي الذي يمر على أطراف “تلبيسة” و”حماه “، والمقطوع عند جسر “تلبيسة”.
كذلك تسهم استعادة “حمص” في تعزيز جبهة “الغاب” في “ريف حماه الشرقي”، وبالتالي التصدي للمسلحين القادمين من الاردن اوالعراق عبر البادية، بحسب المصادر.
ولاريب أن عودة المدينة الى كنف الدولة لها تأثير سلبي كبير على معنويات المجموعات المسلحة ورعاتها الاقليميين والدوليين، لاسيما أنهم كانوا يطلقون عليها تسمية “عاصمة الثورة”.
وهكذا يكون الجيش السوري انهى مرحلةً سوداء من مراحل الأزمة التي تعصف ببلده.
ومن “حمص” إلى “حلب”، حيث يعمل الجيش السوري على إبعاد المسلحين عن المناطق الآمنة، وتثبيت جبهات القتال، وتشديد الحصار على مواقع المسلحين، ما قد يكرر تجربة “سيناريو حمص” برأي المصادر.
الى ذلك، فقد فشل المسلحون في السيطرة على طريق “الراموسة” في جنوب “حلب”، بعد الضغط الذي تعرضوا له من الجيش السوري في منطقة “الليرمون” و “حريتان” في الشمال، وادى ذلك الى إنكفائهم بحسب المصادر.
وبالانتقال الى “ريف دمشق”، فالمعارك على أشدها في منطقتي “جوبر” و “المليحة” في “الغوطة الشرقية”، حيث تحاول القوات السورية عزل “جوبر” عن “حرستا” و “دوما”، لان الاولى هي الاقرب الى العاصمة من جهة “ساحة العباسيين”، وتشكل مصدر تهديد حقيقي لأمن “دمشق” كذلك فأن استعادتها تحتّم استعادة “زملكا” الواقعة بين “جوبر” و”الملحية”.
أما عن الوضع في “المليحة”، التي تشكل الممر بين “الغوطة” و الجنوب، وخط الدفاع الاولى عن “دوما ” أكبر معاقل المجموعات المسلحة، فلاتزال “المليحة” تحت الحصار الذي فرضه الجيش السوري، ولم تفلح كل محاولات المسلحين فك الحصار المذكور، وهي الآن تشهد معارك ضارية، يقاتل فيها التكفيريون قتالاً مستمياً، لان استعادة “المليحة”، حكماً ستمهد الطريق لاستعادة “دوما”، وبالتالي قطع طرق الامداد عن “الغوطة” من جهة الجنوب.
ومما لا شك فيه أن “جبهة الغوطة” هي من أهم الجبهات على امتداد الجغرافيا السورية وأشدها، لانها الاقرب الى العاصمة، ولانها واقعة على خط استراتيجي يبدأ من “جوبر” ويمر “بزملكا، حرستا، دوما، عدرا، الضمير، بادية الشام” وصولاً الى الاردن، الذي لايزال يفتح حدوده مع سورية لعبور المجموعات المسلحة الى “الغوطة”، ومدها بالسلاح، على ما تؤكد المصادر.
وعن الوضع على جبهة الجنوب، فتؤكد المصادر ان المجموعات التكفيرية تحاول وصل خط “حوران” مع “الجولان”، بالتنسيق المشترك مع العدو الاسرائيلي، الذي يقدم مختلف انواع الدعم لهذه المجموعات، من أجل إقامة شريط حدودي لاستهداف الاستقرار السوري بإدارة العدو عبر ادواته، تختم المصادر.