في سنته الثالثة أو الرابعة، يمكن للطفل أن يمر بمرحلة أشدّ أو أقل قوة من عاطفة استثنائية تجاه أحد الأبوين من الجنس الآخر، فيردّد “أريد أن أتزوّج بك”، حيث يمكن أن تقولها الفتاة لوالدها والفتى لوالدته. وهنا، يعيش الطفل مرحلة طبيعية من حياته تسمّى “عقدة أوديب”.
في هذه المرحلة، يشعر الطفل بمشاعر متناقضة تجاه أحد الأبوين الذي يماثله بالجنس: فينظر له على أنه خصم مع استمرار حبّه له. فترغب الفتاة الصغيرة في أن تكون كوالدتها: ذكيّة وماهرة وجميلة و… حبيبة والدها. أما الصبي، فيشعر بالإعجاب بوالده ويعتبره قدوة له، ولكن يرغب في أن يذهب ليحتل مكانته في قلب والدته.
وفي الوقت عينه، يشعر الطفل بنوع من الخيبة، إذ يرغب في أن يستجيب والده أو والدته لمبادراته كما يفعل العاشق أو العاشقة. ولكن تتبخر هذه الأحاسيس شيئاً فشيئاً عندما يفهم أنّ والدته ووالده قد اختارا الشريك، ويفهم أيضًا أنه على الرغم من أنه يكبر بسرعة كبيرة، لن يصل الى طول وحجم والدته ووالده قبل مدة طويلة، فيدرك أنّ عليه التخلي عن مساعيه لإغراء الآخر، وتتحوّل العدائية تجاه الأب أو الأم (الأب الآخر) إلى إعجاب.
في حوالى السنة الخامسة، يتحول الطفل باهتمامه الى أطفال آخرين لتبنّي السلوكيات الذكورية أو الأنثوية، وهنا تنتهي عقدة أوديب.
كيف يجب أن يتصرّف الأهل
إليك كيف تستطيعين التصرف لمساعدة طفلك على حل النزاعات المتصلة بعقدة أوديب:
* لا تسخري من محاولات الإغراء التي يقوم بها ولا تسمحي له بأن يظن أنّ نواياه قد تتحقق، لأن هذا السلوك قد يوجد نوعاً من الارتباك في الأدوار في قلب العائلة، ويشجعه على متابعة سلوك الإغراء والابتعاد عن الآخر، فضلاً عن أن تصوّره أنه قد يتزوج أحد الابوين ويلغي الآخر قد يسبّب له القلق والخوف.
* ساعديه على الحصول على مؤشرات من العائلة تفهمه أنه لا يزال صغيراً، حيث يمكنك القول مثلاً، إنه لا يمكن للأب والطفل أن يعيشا حالة حبيبين، من المستحيل أن يشعرا بالعشق تجاه بعضهما.
* أظهري حساسيتك تجاه حركات طفلك التي يقوم بها لإثبات هويته، ولا تتردّدي في مدحه، فيجعله هذا السلوك المشجّع يشعر بالفخر بأنوثته أو ذكوريته.
* اجعليه يشعر بالأمان وقولي له إنك تحبّينه كثيرًا وإنك فخورة به وبرؤيته يكبر، وإنه في يوم، سيستطيع هو أن يختار محبوبته أو محبوبه.
* لا تغضبي من سلوك الإغراء أو الرفض الذي قد يبدر عنه، حتى لو رفض تعليماتك ونفذ تعليمات الشريك، ومن غير المفيد أن تسائليه، فالأمر برمّته حالة طفولية ليس إلا.