نجح التوافق الاقليمي والدولي في لبنان بكسر «اكثرية الثلثين» تحضيرا للمرحلة المقبلة التي سيجري خلالها التوافق الخارجي على اسم رئيس جمهورية لبنان، وكل ما يقال عن توافق داخلي هو من باب الاستئناس ليس الا، مع الاشارة الى ان العامل الداخلي له صفة الاستئناس حول الاسم وليس صفة التقرير، والشواهد كثيرة على ما يتعلق بالرئاسة الاولى في لبنان، والتوافق الاقليمي والدولي الذي نجح تقول مصادر حزبية فاعلة في الملف الرئاسي لناحية التشاور، وليست فاعلة بمعنى القرار الحاسم للنتائج، ان هذا التوافق جاء لمصلحة الفريقين 14 و8 اذار، كون الامر سينعكس في لحظة ذاك التوافق على اسم الرئيس الذي بات من السهولة بمكان انتخاب رئيسا للجمهورية بالاكثرية المطلقة – اي خمسة وستون نائبا، وقد وصل الجميع الى هذه النتيجة، التي من المؤكد لن تبصر نورها الرئاسي قبل نهاية حزيران المقبل على اقل التقديرات الا اذا شاءت الاقدار الاقليمية والدولية التفاهم على اسم، لكن تلك الاقدار الى اليوم معلقة بل تبدو مقتنعة اكثر من اللبنانيين بأنه بعد حزيران يكون هناك رئيس في قصر بعبدا.
وتؤكد المصادر ان الفرنسيين والسعوديين الذين يتولون التنسيق بشأن انتخاب الرئيس، ليسوا اللاعبين الاساسيين، اذ دلت التجارب السابقة ان من يحسم الاسم هي واشنطن بالتفاهم مع قوى اقليمية ودولية وازنة وواشنطن وفق المصادر لا تبدو مستعجلة لاجراء الاستحقاق اللبناني في موعده والخط الذي يقع عليه لبنان – اي الخط السياسي (العراق – سوريا – لبنان)، هناك ما هو اهم من الانتخابات الرئاسية اللبنانية – اي انتخابات العراق النيابية التي هي بالنسبة لواشنطن مسألة استراتيجية وليست تفصيلية وكذلك اضافة للاحداث في سوريا هناك انتخابات الرئاسة السورية وانتخابات مصر وفلسطين واستحقاقات امنية عدة ولبنان هو التفصيل الاسهل لدى واشنطن لذلك هي كغيرها ليست مستعجلة قبل ان ترى نتائج الانتخابات النيابية في العراق والانتخابات الرئاسية السورية.
وتشير المصادر الى ان هذا هو الواقع الذي يجب ان يعرف المعنيون من مسؤولين وغيرهم ما يعيشه لبنان نتيجة عدم قدرة اللبنانيين على الاتفاق على رئيس يمثل واقعه المسيحي وحضوره او يرضي الاكثرية الساحقة من اللبنانيين وكون اللبنانيين كمسؤوليين فوتوا هذه الفرصة على انفسهم بات امر رئاستهم الاولى مرتبطاً بكل التطورات اكثر من ذي قبل.
لكن ما هو مهم برأي المصادر يجب رصد حركة الاميركيين في لبنان والمنطقة منذ اليوم لأن الحركة الديبلوماسية الاميركية باتت اقرب الى توفير الاكثرية المطلقة بعد النصاب للرئيس العتيد، وبالمقابل يجب رصد الحركة السعودية – الايرانية ومدى الدفع بأتجاه التفاهم بينهما واستقرار الحد الادنى من التفاهم بينهما في لبنان وعزل خلافاتهما الاقليمية في المنطقة عن الملفات اللبنانية او ان يكون لبنان مقدمة للتفاهم او لقدرة التفاهم على ملفات اخرى في المنطقة من سوريا الى العراق والبحرين واليمن وفلسطين، وهذا اذا ما تحقق فأنه بالتفاهم الاميركي – الايراني بالمشاركة الروسية، يؤدي الى تفاهم على رئيس للجمهورية، لكن كل ذلك لن يكون وفق المصادر الحزبية قبل الانتخابات الرئاسية السورية ونتائجها، وهنا الكلام اذا ما ظل الوضع الراهن على ما هو عليه، ولم يجر فصل لبنان واستحقاقاته عن ازمات المنطقة وهو امر من الصعوبة بمكان.
في السياق عينه تقول مصادر متابعة للملف الرئاسي، ان الاجواء الخارجية تدعو لانتخاب رئيس للجمهورية وهي كانت تنتظر جلسة اول من امس فقط لكسر شرط اكثرية الثلثلين لخروج رئيس جمهورية في لبنان وهذا ما يؤشر الى ان شيئا ما يجري طبخه وقد لا توافق عليه بعض القوى الممثلة في مجلس النواب وبالتالي يمكن ان يأتي الرئيس العتيد بأكثرية مطلقة لا تزيد عن (68 صوتا) – اي ان هناك انقساماً في المستقبل حول الاسم مع بقاء بعض المرشحين على ترشحهم كرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع او من سيترشح غيره من قوى وشخصيات في 14 اذار.
المسألة الثانية التي تؤكد عليها المصادر هي ان الكتائب سترشح الرئيس امين الجميل الى منصب الرئاسة الاولى، والكتائب وفق وزراء ونواب منها ترى، والكلام للشخصية نفسها، قد ادت قسطها للعلى وانتخبت الدكتور جعجع واليوم تريد ان تترشح هي وتريد من القوات اللبنانية ان تدعم الرئيس امين الجميل واذا لم يحصل هذا الدعم فمن المتوقع ان تتجه الكتائب للتحالف مع كتل اخرى وهذا ما يمكن ان يظهر في القريب العاجل، والا قد لا يكون لديها مرشح الا التوافق.
المسألة الثالثة التي ستحصل هي دعوات الرئيس نبيه بري لعقد جلسات للانتخاب وهذا ما سيحصل في الفترة المقبلة، لكن ما سنصطدم به تقول المصادر هو فقدان النصاب ( الـ 86) لعقد الجلسات ما يعني تأخر التفاهم على الاسم اكان العماد ميشال عون او اي اسم آخر يرى انه الاقرب لأن يكون رئيسا توافقيا في البلد، لكن الحجز الاقليمي والدولي هو الاهم بدءًا من اليوم وستظهر صورته بوضوح في الاسابيع المقبلة وهذا ما تمت الاشارة اليه من ضرورة رصد الحركة الاميركية والحركة الايرانية -السعودية بما يعني لبنان والاستحقاق الرئاسي فيه.
الاجتماعات ستكثف تؤكد المصادر بين رؤساء الكتل والقيادات في اطار التشاور وتجميع الاوراق، لكن ما هو مؤكد ان الجميع سيسعى لخطب ودّ كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيس نجيب ميقاتي والنواب امثال نقولا فتوش واحمد كرامي، لكن كل هذه المحاولات لن تجدي نفعا لأن المصالح والمفاسد هي اقليمية – دولية لا يمكن تجاوزها الا بتسويات كبرى تنعكس رياحها الايجابية على لبنان.
الديار