حَتَّى? إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ
1 – عن أبي سعيد قال : ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج
الراوي: عبدالله بن عتبة أو ابن أبي عتبة المحدث: عبدالرحمن بن مهدي – المصدر: العلل لابن أبي حاتم – الصفحة أو الرقم: 4/87
خلاصة حكم المحدث: ما أرى أبان إلا وقد حفظ [يعني في روايته مرفوعا]
2 – فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا . وعقد بيده تسعين .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 3347
3 – يقول الله تعالى : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، فيقول : أخرج بعث النار ، قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، فعنده يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد . قالوا : يا رسول الله ، وأينا ذلك الواحد ؟ قال : أبشروا ، فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألفا . ثم قال : والذي نفسي بيده ، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة . فكبرنا ، فقال : أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة . فكبرنا ، فقال : أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة . فكبرنا ، فقال : ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض ، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 3348
طاف رسول صلى الله عليه وسلم على بعيره ، وكان كلما أتى على الركن ، أشار إليه وكبر ، وقالت زينب : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ) . وعقده تسعين .
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فزعا ، محمرا وجهه ، يقول ” لا إله إلا الله . ويل للعرب من شر قد اقترب . فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ” وحلق بإصبعه الإبهام ، والتي تليها . قالت فقلت : يا رسول الله ! أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال ” نعم . إذا كثر الخبث ” .
من هم يأجوج ومأجوج ؟ وما هي أوصافهم ؟ وهل حقاً أن فيهم أناساً طوالاً كشجر الأرز، وآخرين قصاراً لا يتجاوزون شبر الإنسان العادي ؟ وهل صحيح أن البعض منهم يفترش أذناً ويتغطى بأخرى ؟ ولا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف ذكر كلٌ قد حمل السلاح .
أسئلة ندرك من خلالها حرص الكثير من الناس على استكشاف هذا العالم ومعرفة خفاياه، وربما دفعهم الفضول إلى التزيد في أوصافهم والمبالغة فيها إلى حد الخرافة أو قريباً منها، إلا أن القرآن الكريم والسنة الصحيحة قد أوضحا قصتهم وقدما وصفا تفصيلياً عنهم .
ورد ذكر ” يأجوج ومأجوج ” في القرآن الكريم في قوله تعالى:{ حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولاً * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا .. الآيات } ( الكهف: 93 وما بعدها ). وهذه الآيات تبين لنا كيف كان “يأجوج” و”مأجوج” في قديم الزمان أهل فساد وشر وقوة لا يصدّهم شيء عن ظلم من حولهم لقوتهم وجبروتهم، حتى قدم الملك الصالح ذو القرنين، فاشتكى له أهل تلك البلاد ما يلقون من شرهم، وطلبوا منه أن يبني بينهم وبين “يأجوج ومأجوج” سدّاً يحميهم منهم، فأجابهم إلى طلبهم، وأقام سداً منيعاً من قطع الحديد بين جبلين عظيمين، وأذاب النحاس عليه، حتى أصبح أشدّ تماسكاً، فحصرهم بذلك السد واندفع شرهم عن البلاد والعباد .
كما ورد ذكر “يأجوج” و”مأجوج” أيضاً في موضع آخر من القرآن يبين كثرتهم وسرعة خروجهم وذلك في قوله تعالى: { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون }(الأنبياء:96).
رسمت الأحاديث النبوية ملامح أكثر وضوحاً عن عالم “يأجوج” و”مأجوج” وكشفت عن كثير من نواحي الغموض فيهم . فبنيت أن لديهم نظاماً وقائداً يحتكمون لرأيه، وأن السد الذي حصرهم به ذو القرنين ما زال قائماً، وأنه يمنعهم من تحقيق مطامعهم في غزو الأرض وإفسادها، ولذا فمن حرصهم على هدمه يخرجون كل صباح لحفر هذا السد، حتى إذا قاربوا هدمه أخروا الحفر إلى اليوم التالي، فيأتون إليه وقد أعاده الله أقوى مما كان، فإذا أذن الله بخروجهم حفروا حتى إذا قاربوا على الانتهاء قال لهم أميرهم: ارجعوا إليه غدا فستحفرونه – إن شاء الله – فيرجعون إليه وهو على حاله حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس فيشربون مياه الأنهار، ويمرون على بحيرة طبرية فيشربها أولهم، فيأتي آخرهم فيقول: لقد كان هنا ماء !! ويتحصن الناس خوفاً منهم، وعندئذ يزداد غرورهم ويرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها آثار الدم فتنةً من الله وبلاءً، فيقولون: قهرنا أهل الأرض وغلبنا أهل السماء، فيرسل الله عليهم دوداً يخرج من خلف رؤوسهم فيقتلهم، فيصبحون طعاماً لدواب الأرض حتى تسمن من كثرة لحومهم . كما روى ذلك ابن ماجة في سننه .
وقد دلت الأحاديث على أن الزمان الذي يخرجون فيه يملكون أسباب القوة ويتفوقون فيها على سائر الناس، وذلك إما لكونهم متقدمين عسكرياً ووصلوا إلى تقنيات تمكنهم من إبادة غيرهم والسيطرة على بلادهم، وإما لأن زمن خروجهم يكون بعد زوال هذه الحضارة المادية، ورجوع الناس إلى القتال بالوسائل البدائية والتقليدية، ويؤكد ذلك ما ورد عند ابن
ورد في بعض الروايات من أن المسلمين سيوقدون من أقواس وسهام وتروس “يأجوج ومأجوج” سبع سنين . كما عند ابن ماجة وغيره .
كما بينت الأحاديث بعض صفاتهم الخلْقية وأنهم عراض الوجوه، صغار العيون، شقر الشعور، وجوهم مدورة كالتروس . رواه أحمد .
وبينت الأحاديث كذلك أن خروجهم سيكون في آخر الزمان قرب قيام الساعة، وفي وقت يغلب على أهله الشر والفساد، قال – صلى الله عليه وسلم -: ( لن تقوم الساعة حتى يكون قبلها عشر آيات؛ طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، وخروج يأجوج ومأجوج .. ) رواه أبو داود .
أما ترتيب خروجهم ضمن أشراط الساعة الكبرى فقد دلت الأحاديث على أن الدجال عندما يخرج، ينزل المسيح عليه السلام بعده، ثم يخرج يأجوج ومأجوج، فيأمر الله عيسى – عليه السلام – ألا يقاتلهم، بل يتوجه بمن معه من المؤمنين إلى جبل الطور، فيحصرون هناك، ويبلغ بهم الجوع مبلغا عظيماً، فيدعون الله حينئذ أن يدفع عنهم شرهم فيرسل الله عليهم الدود في رقابهم فيصبحون قتلى كموت نفس واحدة، وتمتلئ الأرض من نتن ريحهم، فيرسل الله طيراً كأعناق الإبل فتحملهم وتطرحهم حيث شاء الله . ويأمن الناس وتخرج الأرض بركتها وثمرتها، حتى تأكل الجماعة من الناس الرمانة الواحدة، ويكفي أهل القرية ما يحلبونه من الناقة في المرة الواحدة .
ويحج المسلمون إلى البيت بعد هلاكهم، كما في الحديث : ( ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج ) رواه البخاري .
حديث ( يأجوج أمة، ومأجوج أمة، كل أمة أربعة آلاف أمة، لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كلهم قد حمل السلاح ) رواه الطبراني و ابن عدي في الكامل
ومنها ( إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً، وإن من ورائهم ثلاث أمم تاويل وتاريس ومنسك ) رواه الطيالسي وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : “حديث غريب جداً وإسناده ضعيف وفيه نكارة شديدة “.
يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان مشتقان من أجيج النار أي من التهابها ومن الماء الأجاج وهو الشديد الملوحة والحرارة .
فشبَّهوهم بالنار المضطرمة المتأججة وبالمياه الحارة المحرقة المتموجة لكثرة تقلبهم، واضطرابهم، وتخريبهم، وإفسادهم في الأرض .
هذا هو التأصيل اللغوي الذي لابد منه بداية حتى لا نطلق لخيالنا العنان لنلهث وراء الخرافات والأساطير والأوهام .
لذا أخبرنا المصطفى أن يأجوج ومأجوج هم بعث النار يوم القيامة
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ والسدين: الجبلين العظيمين .
وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا .
لا يعرفون لغة ذي القرنين أو لا يستطيعون أن ينفتحوا على غيرهم من الأمم، فهم قوم منعزلون على أنفسهم، تعرضوا إلى أشد الهجمات وأعنف الضربات على يدي يأجوج ومأجوج، فلما رأوا ذا القرنين الملك الفاتح العادل توسلوا إليه وانطلقوا وقوفا بين يديه وقالوا: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا .
هؤلاء القوم يقولون لذي القرنين هل نبذل لك من أموالنا ما تشاء وما تريد على أن تبنى لنا سدا منيعا يحمينا من يأجوج ومأجوج .
فرد عليهم بزهد وورع وقال: قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ .
لقد أعطاني اللـه عز وجل من وسائل التمكين ما أغنانى به عن مالكم ولكنه لمح فيهم الكسل، فأراد أن يشركهم في هذا المشروع العظيم وفي هذا العمل الضخم، فقال لهم ولكن!
وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري: ذكر ابن عفير، أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، أرسل خمسة وعشرين رجلا، إلى سد يأجوج ومأجوج، ينظرون كيف هو، وكتب إلى ملك الخزر، أن يجوزهم إلى من خلفه، وأهدى إليهم هدايا، ففعل حتى انتهوا إلى الجبلين، فرأوا بينهما مثل البصيص، وهو بريق الصفر في الحديد، وسمعوا جلبة من داخل السور، ورأوا درجًا يُرقى فيه إلى أعلاه، فصعد فيه رجل منهم، فلما بلغ وسطه تحيَّر فسقط فمات، وانصرفوا بقطعة مسحاة وجدوها عند السد. اهـ. الروض المعطار في خبر الأقطار 1/310.
وقال الإمام محمد بن جرير الطبري: دخل مطر بن ثلج التميمي، على عبد الرحمن بن ربيعة بالباب، بعد فتح أذربيجان، وعنده شهربراز صاحب أذربيجان، فدخل عليهم رجلٌ، فقال شهربراز: إني بعثته منذ سنين نحو السد، لينظر ما حاله ومن دونه، وزودته مالا عظيمًا، وكتبت له إلى من يليني، وسألته أن يكتب له إلى من وراءه، حتى انتهى إلى الملك الذي السد في ظهر أرضه، فكتب له إلى عامله فأتاه. قال الرجل: فلما انتهينا، فإذا جبلان بينهما سد مسدود، حتى ارتفع على الجبلين، بعد ما استوى بهما، وإذا دون السد خندقٌ أشد سوادًا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله ثم انصرفت. فأقبل عبد الرحمن على الرجل وقال: ما حال هذا الردم وما شبهه؟ فقال: مثل ثوب هذا، يعني مطرًا. وكان على مطر قباء برود يمانية، أرضه حمراء ووشيه أسود، أو وشيه أحمر وأرضه سوداء، فقال مطر لعبد الرحمن بن ربيعة: صدق والله الرجل، لقد نفذ ورأى. فقال: أجل! وَصَفَ صفة الحديد والصفر. اهـ. ملخصًا. تاريخ الطبري 2/542.
وعنه بإختصار: تفسير الرازي 21/144 وتفسير غرائب القرآن 4/460 واللباب في علوم الكتاب 12/561.
وقال العلامة محمود بن عبد الله الألوسي: هما بموضع من الأرض لا نعلمه، وكم فيها من أرض مجهولة، ولعله قد حال بيننا وبين ذلك الموضع مياه عظيمة، ودعوى استقراء سائر البراري والبحار غير مسلمة، ويُجوِّز العقل أن يكون في البحر أرض نحو أمريقا، لم يُظفر بها إلى الآن، وعدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود، وبعد إخبار الصادق، بوجود هذين السدين وما يتبعهما، يلزمنا الإيمان بذلك، كسائر ما أخبر به من الممكنات، والإلتفات إلى كلام المنكرين، ناشئ من قلة الدين. اهـ. روح المعاني 16/38.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: وجدت في مجلة التمدن الإسلامي، الصادرة في رمضان سنة 1378هـ 756 تحت عنوان: سد يأجوج ومأجوج ما نصه: توجد في العتبة الواقعة بين بحر الخزر(هو بحر قزوين)، والبحر الأسود، سلسلة جبال توقان، كأنها جدار طبيعي، وقد سد هذا الجدارُ الجبلي، الطريقَ الموصلة بين الشمال والجنوب، إلا طريقًا واحدًا بقي مفتوحًا، هو مضيق داربال، بين ولايتي كيوكز وتفليس، حيث يوجد الآن جدار حديدي من قديم الأزمان. وذكر أنه منقول من كتاب: شخصية ذي القرنين، من منشورات دار البصري في بغداد. اهـ. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 7/206.
وقال الشيخ محمد أنور شان الكشميري: سدّ يأجوج ومأجوج نحو البلاد الشرقية الشمالية، وأما ما تقول به الملاحدة من أهل العصر، أن ما من بقعة من بقع الأرض إلا ومُسِحَتْ، ولم يوجد له بها يأجوج ومأجوج، وليس بموجود، فغلط محض، فإن في الإفريقية أرض في أربعين منزلا، لم يطؤها قدم واطئ، فإذن قولهم كذبٌ بحتٌ. اهـ. العرف الشذي شرح سنن الترمذي 3/407.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: وما ادعاه الملحدون، أنه لا وجود ليأجوج ومأجوج أصلا، وأنهم لو كانوا وراء السد إلى الآن، لاطلع عليهم الناس، لتطور طرق المواصلات، فغير صحيح، لإمكان أن يكونوا موجودين، والله يخفي مكانهم على عامة الناس، حتى يأتي الوقت المحدد، لإخراجهم على الناس. ومما يؤيد إمكان هذا، أن الله جعل بني إسرائيل يتيهون في الأرض أربعين سنة، وهم في فراسخ قليلة من الأرض، يمشون ليلهم ونهارهم، ولم يطلع عليهم الناس حتى انتهـى أمـد التيه، لأنهم لو اجتمعـوا بالناس، لبينـوا لـهم الطريق. انتهى ملخصًا من أضـواء البيان 3/344–345.
وقال الشيخ محمد بن يوسف الكافي: السد حق ثابت، ولا ينفتح ليأجوج ومأجوج إلا قرب الساعة، فمن قال بعدم وجود سد على وجه الأرض، ومستنده في ذلك قول الكشافين من النصارى، وأنهم لم يعثروا عليه، يكفر. اهـ. المسائل الكافيَّة في بيان وجوب صدق خبر رب البرية بواسطة نفس المصدر السابق 3/169.