في قضية النازحين المحاصرين في شمال العراق، اعلن البيت الأبيض «اننا نبحث عن خيارات لانقاذهم. وقد اكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الولايات المتحدة تدرس بشكل «عاجل» كيفية اجلاء المدنيين الذين يطوقهم مقاتلو داعش في جبال شمال العراق.
كما أعلن ناطق باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون، ان «الاتحاد يعد لاجتماع استثنائي لوزراء الخارجية حول العراق يمكن ان يعقد اعتبارا من هذا الاسبوع».ولفت احد الناطقين باسم اشتون الى انها «مستعدة لجمع وزراء الخارجية الاوروبيين هذا الاسبوع وتدرس مع الدول امكان ذلك».
الى ذلك دعا البابا فرنسيس إلى «تحرك دولي لوقف معاناة الأقليات الدينية في شمال العراق طالبا مساعدتهم». ولفت البابا في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدةبان كي مون الى اننا «نكتب إليكم ونضع بين يديكم دموع ومعاناة وصرخات اليأس التى تدمي القلوب الصادرة من المسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية في أرض العراق الحبيبة».
مراقب الكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة المونسنيور سيلفانو توماسي أطلق نداءً لتفادي ما وصفها بالكارثة الإنسانية في شمال العراق، مشيراً إلى أنّ تدخلاً عسكرياً ضدّ الإرهابيين قد يكون ضرورياً.
وفي حديث إلى «إذاعة الفاتيكان»، شدّد توماسي على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية من المياه والغذاء لمسيحيي العراق الذين أجبروا على الهروب من أرضهم، «لأنّ الأطفال والعجزة يموتون هناك بسبب النقص الغذائي»، وقال: «يجب التدخل الآن، قبل فوات الاوان».
واعتبر ممثل الكرسي الرسولي في الأمم المتحدة أنّ التدخل العسكري «ربما» يكون ضرورياً في هذه المرحلة، وشدّد في الوقت عينه على ضرورة كشف هوية «أولئك الذين يزودون المتطرفين بالأسلحة والمال، كما يتوجب كشف البلدان التي تدعمهم ضمنًا»، وإيقاف هذا الدعم لأنّ ذلك لا ينفع في النهاية لا المسيحيين ولا المسلمين.
وانتقد توماسي سياسة التجاهل التي يعتمدها المجتمع الدولي إزاء انتهاك الحقوق الإنسانية الأساسية لمجتمعات كاملة في منطقة الشرق الأوسط، وإن لاحظ بعض المواقف الخجولة التي بدأت تصدر، لافتاً في هذا الإطار إلى أنّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سمّى المسيحيين أخيراً بالاسم حين دان الجرائم المرتكبة ضدّهم، وكذلك إلى البيان الذي صدر عن مجلس الأمن حول الخطر الذي يتهدّد المسيحيين في الشرق الأوسط. ورأى توماسي في ذلك بداية تغيير في السلوك، منوّها كذلك بمبادرة منظمات وشخصيات إسلامية بممارسات المتطرفين، ومن هؤلاء الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.
وخلص توماسي إلى التحذير من تداعيات شرق أوسط من دون مسيحيين، الذي سيمثل إضعافاً للمنطقة، ليس فقط لأنّ الكنيسة لن تكون موجودة، ولكن أيضًا لأنّ الإسلام نفسه سيفتقد تشجيعاً على الديموقراطية ومعنى للحوار مع باقي العالم.
من جهته أوضح الأب آرام روميل حنا من أبرشية القوش الكلدانية، أن «كل المسيحيين الذين تهجروا من نينوى ويفوق عددهم المائة الف، وكلهم تهجروا من اقليم كردستان وهم يقيمون في مساكن مؤجرة أو في الحدائق والكنائس، ويبحث الآن في أربيل باقامة مخيمات لهم كيلا يبقوا في العراق».
ولفت في حديث إذاعي، الى أن «هناك مطالبة دولية بتحرك العالم، والمطلوب من الحكومة العراقية ان لا تعاملنا كمواطنين مميزين وانما كأشخاص من هذا البلد، ولكن الفلتان الأمني وغياب الحكومة اوصلنا الى هذا الواقع. لا يمكننا ان نشكل ميليشيات في بلدنا وعلى دول العالم ان تتفهم الموضوع وتساعدنا في هذا الإطار».
وأشار الى أن «التهجير للمسيحيين في العراق لم يكن الأول، فهذا هو رابع تهجير ولكنه الحاسم، والتهجيرات كلها كان المقصود بها المسيحيين في الشرق الأوسط كله. وكنا في كل مرة ننادي ولكن لم نحصل على اي تعاون او دعم ووصلنا الى طريق مسدود لا سيما في هذا التهجير الأخير.
وأجاب ردا عن سؤال، «الخطر الداعشي محتوم في سهل نينوى وقرانا ومنازلنا كلها تحت سيطرة «داعش».
وأكد «وجوب ايجاد خطة لتأمين مساكن للناس في القريب العاجل، اما الخطة البعيدة فتحتاج الى دراسة كبيرة وتواصل مع الأفرقاء المعنيين».
خطر الابادة
في الاثناء حذرت منظمة الأمم المتحدة من أن عشرات الآلاف من العراقيين معرضون لخطر الإبادة في شمال البلاد، فيما كثفت العديد من الدول جهودها لتسريع عمليات الإغاثة والإنقاذ، وسط أوضاع صعبة يعانيها النازحون من سنجار الذين وصل سبعون ألفا منهم إلى دهوك بكردستان العراق. وقالت المنظمة الأممية إن نحو ثلاثين ألف شخص يواجهون خطر «إبادة محتملة» في جبال شمال العراق، ودعا خبراء حقوقيون في المنظمة المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لمنع حصول «إبادة» ضد الأزيديين في العراق على أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. وحذرت ريتا إسحاق خبيرة الأمم المتحدة في شؤون حقوق الأقليات من أن المحاصرين يواجهون خطر التعرض «لفظائع جماعية أو إبادة محتملة في غضون أيام أو ساعات».
مساعدات انسانية
في غضون ذلك، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا عن تعزيز مساعداتها الإنسانية للمدنيين من الأقلية الإزيدية المحاصرين في جبل سنجار شمال العراق، بينما تدرس واشنطن آليات لإجلائهم بشكل عاجل وسط تحذيرات أممية من تعرضهم لإبادة جماعية.
وجاء في بيان للشؤون الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي أن السفراء اتفقوا على «تعزيز التنسيق الإنساني بشكل عاجل والوصول إلى النازحين»، كما تم بحث الطرق الكفيلة بتنسيق أفضل للمساعدات الإنسانية.
وقالت المفوضة المكلفة بالمساعدات الإنسانية كريستالينا جورجييفا إن «ما نريده هو مساعدة مئات آلاف العراقيين بمن فيهم مجموعات الأقليات النازحين إلى جبل سنجار».
كما أعربت أستراليا عزمها المشاركة في العملية الإنسانية الغربية في شمال العراق لتقديم المساعدة للمدنيين الفارين من تقدم الجهاديين، وقال رئيس الوزراء الأسترالي توني ابوت من لندن إن طائرات أسترالية ستشارك قريبا في القاء المواد الإنسانية في منطقة سنجار.
في السياق أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل إرسال 130 مستشارا عسكريا إضافيا إلى أربيل، عاصمة كردستان العراق لتقييم حاجات السكان الأزيديين بشكل أعمق.
مساعدات عسكرية
وامس تعهدت دول غربية – على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا – بتقديم مساعدات عسكرية إلى إقليم كردستان العراق الذي يواجه تهديداً متزايداً من تنظيم الدولة الإسلامية الذي بات على أبوابه بعد الانتصارات التي حققها في شمال البلاد وغربها.
فقد أعلنت فرنسا على لسان رئيسها فرانسوا هولاند أنها سترسل أسلحة «في غضون الساعات المقبلة» إلى القوات الكردية التي تقاتل المسلحين الإسلاميين في العراق. وقال مكتب هولاند في بيان إنه «استجابة للحاجة العاجلة التي عبَّرت عنها السلطات الإقليمية الكردية، قرر الرئيس بالاتفاق مع بغداد على توريد أسلحة في الساعات المقبلة».
من جانبها، ذكرت بريطانيا أنها ستنقل معدات عسكرية من دول أخرى إلى القوات الكردية التي تقاتل مسلحين إسلاميين في شمال العراق، بينما أرسلت الولايات المتحدة 130 مستشاراً عسكرياً إضافيا لتقييم الوضع هناك.وتابع «اتفقنا أيضاً على نقل معدات عسكرية ضرورية من دول مساهمة أخرى إلى القوات الكردية»، دون تحديد الدول المعنية. وأكدت وزارة الدفاع البريطانية من جانبها أن القوات الجوية الملكية أرسلت مقاتلات تورنيدو من قاعدة مرهام في جنوب شرق بريطانيا مجهزة بمعدات مراقبة.وتتوجه الطائرات البريطانية إلى قاعدة أكروتيري في قبرص حيث ستجهز للقيام بمهام استطلاعية.
وفي السياق عينه، أعلنت جمهورية التشيك أنها تبحث عن سبل لتقديم السلاح لأكراد العراق الذين يقاتلون تنظيم الدولة، بما في ذلك إرسال السلاح عبر شركات خاصة. وقال وزير خارجيتها لوبومير زاوراليك في مقابلة مع صحيفة هوسبودارسكه نوفيني اليومية «لدينا فكرة عما يحتاجه الأكراد ولدينا شيء لنقدمه». وأضاف «نبحث عن طريقة لتكوين رؤية حتى دون قرار من الحكومة.. ليس ضرورياً أن يتعلق الأمر بتقديم ذخائر من مستودعات الدولة». وتابع زاوراليك أن استخدام شركات خاصة قد يكون حلاً، لكنه رفض تسمية الشركات.
الوضع الميداني
ميدانيا قام انتحاري بتفجير نفسه قرب منزل رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العابدي، دون ان ترد معلومات عن وقوع اصابات.
كما شهدت بغداد اعمال عنف شديدة ووقوع عدد من الانفجارات في انحاء متفرقة من المدينة مما ادى الى مقتل 44 شخصا على الاقل وجرح العشرات.
وتنوعت الوسائل المستخدمة من عبوات ناسفة الى قذائف هاون الى سيارات مفخخة.
الديار